وفق ما نقلته وكالة بجواك الإخبارية فإن رئيس بلدية مدينة كابل أصدر توجيهات حيال أراض حكومية وساحات خضراء وأراض تم تمليكها للحكومة بأن تُخصص لبعض التجار ونواب البرلمان. يُقال أنه منذ تولية سلطان زوي منصب رئاسة البلدية من قِبل رئيس الجمهورية تم إصدار حكمين غير قانونيين في هذا الصدد. الوثائق التي بحيازة وكالة بجواك الإخبارية تفيد أن رئيس البلدية أصدر توجيها استثنائيا يسمح لشركة تجارية بأن تُنشئ مبنى في أرضٍ تتعلق بوزارة التعليم، في القطاع رقم 12 من مدينة كابل. التوجيه الاستثنائي الثاني الصادر منه يسمح لبعض نواب البرلمان بإنشاء سورٍ عازل في منطقة تسع 12 جريب في ساحة خضراء وأرض تم تمليكها للحكومة، في حين أن رئيس القطاع رقم 12 صرح بأن هذه الأرض تتعلق بوزارة التعليم.
تحدیاتٌ کبیره
مازالت الحكومات تسعى لاتخاذ خطوات حازمة في هذا الصدد لاستعادة الأراضي المغصوبة، إلا أن ذلك لم ينجح إما لكون القوات الحكومية غير قادرة على مواجهة غاصبي الأراضي من الأشخاص ذوي النفوذ (الذين لديهم أفراد مسلحون)، أو أن الأمر كُتم لأجل بعض المصالح.
في تاريخ 16/يناير/2013م نشرت صحيفة “الثامنة صباحا” دراسة تفيد بأن مليونَي جريب من الأراضي الحكومية تم غصبها. وفي وقت مزامن لذلك قدم مستشار رئيس الجمهورية في أمور الإنشاء تقريرا للرئيس السابق حامد كرزاي يفيد بأن 4.5 مليون جريب من الأراضي الحكومية تم غصبها في المناطق الزراعية وفي الأرياف. وفق التقرير المذكور فإن من بين من غصبوا تلك الأراضي بعض نواب رئيس الدولة، والوزراء، ونواب الوزراء، ورؤساء الإدارات، ونواب البرلمان، والقادة الجهاديين، وبعض ذوي النفوذ المحليين وبعض الأفراد من العامة. وقد كان التقرير شاملا بحيث بات مُعدوه تحت تهديد الغاصبين وكانوا لعدة أسابيع يترددون تحت حماية خاصة مقدمة من القوات الحكومية[1].
غاصبوا الأراضي لم يكتفوا بغصب الأراضي الحكومية وإنما تعدوا على الممتلكات الخاصة كذلك. إلى الفترة التي كانت قُبيل هجوم المجاهدين على المدن وسقوط حكومة د. نجيب الله، كان يعيش آلاف السكان من الهندوسيين في أفغانستان وخاصة في كابل، وقد كانوا أصحاب أراض وعقارات وأموال. وبقدوم المجاهدين وما أعقبه من الحروب الأهلية ثم قدوم طالبان بعدها اضطر الهندوس إلى الخروج من أفغانستان بشكل مؤقت. وعند عودتهم لم يبق أثر من عقاراتهم. في الأعوام الأخيرة تم غصب أكثر من 90% من أراضي الهندوسيين، إلا أن هذه الأقلية ليست قادرة على استعادة أراضيها.
عملت إحدى المؤسسات المسماة بـ (بيت الحرية) دراسة في فبراير/2014م بعنوان: (موسم غصب الأراضي) وقد تضمنت الدراسة لقاءات مع 70 شخصا من المصادر المعتمدة الحكومية. يفيد هذا التقرير أن أكثر الأراضي التي غُصبت خلال مدة 14 عاما هي الأراضي التي غُصبت خلال فترة حكم حامد كرزاي. تُفيد إحصائيات التقرير أن أكثر الأراضي المغصوبة تقع في العاصمة كابل، ثم بترتيب تنازلي في هرات، بلخ، قندهار، ننجرهار، كندوز، كابيسا، بغلان، تخار، نيمروز، خوست، لوجر، وغزني، وكمية الأراضي المغصوبة في هذه الولايات تُعد كبيرة مقارنة ببقية المحافظات. يفيد التقرير كذلك أن ولايات نورستان وبكتيكا وبنجشير ودايكندي وغور شهدت أقل درجات الغصب لقلة الأراضي بها.
صرح مسؤولو مؤسسة بيت الحرية بأن الحكومة تملك معلومات كافية حول غاصبي الأراضي، إلا أنه لم يتم اتخاذ أي خطوة لمعاقبة مرتكبي غصب الأراضي[2].
من هم غاصبو الأراضي الحكومية؟
في شهر أسد من عام1398هـ شـ أعلنت وزارة تطوير مدن وأراضي أفغانستان في تقرير أن هناك 1.6 مليون جريب من الأراضي الحكومية التي تم غصبها. وفق تقرير هذه الوزارة فإن أكثر من 18 ألف شخص قد تورطوا في غصب الأراضي وقد سُلمت قائمة تضمن أسماء 15 ألف شخص منهم للمحاكم. وفق نتائج تقرير الوزارة فإن أكثر من تورطوا في غصب الأراضي الحكومية هم ذووا النفوذ المحليون. صرح المتحدث باسم وزارة تطوير المدن لإذاعة صوت أمريكا أنه تم استرداد 500 ألف جريب من الأراضي الحكومية من أيدي الغاصبين بمساعدة القوات العسكرية.
وفق إحصائيات وزارة الاقتصاد، فقد سُجل بشكل رسمي غصب 138996 جريب من الأراضي في ستة محافظات مهمة في أفغانستان. تفيد إحصائيات وزارة الاقتصاد أنه تم غصب 12411 جريب في هرات، و 20500 جريب في ننجرهار من قِبل 13 شخصا، و 1714 جريب في كندوز من قِبل 15 شخصا، و 11426 جريب في كابل من قِبل 11 شخصا،و 5345 جريب في ولاية بروان من قبل شخصين. إلا أن هذا الموضوع مثير للجدل وقد امتنعت الحكومة عن ذكر أسماء الغاصبين المذكورين. لقد كانت هذه الظاهرة موجودة لسنوات عديدة وقد اتخذت الحكومة خطوات حيال هذا الأمر ولكن دون نتيجة تُذكر.
لأجل منع غصب الأراضي خلال السنوات الماضية قامت الحكومة بتسجل الأراضي الحكومية، وقد أخبرت في تاريخ 11/يونيو/2020م عن تسجيل أكثر من ستة ملايين جريب من الأراضي الحكومية في بنك الأراضي. قال مسؤول وزارة تطوير المدن والأراضي إن الأهداف الأساسية لهذا البرنامج هي تعيين وتسجيل الأراض الحكومية، ومنع غصب الأراضي الحكومية، وتوزيع الأراضي للأفراد المستحقين، وتنفيذ مشاريع عامة النفع[3].
أكد أعضاء مفوضية مكافحة الفساد الإداري أن أعداد الأراضي المغصوبة أكثر من الإحصائيات المُعلنة بشكل كبير، وذلك أن هناك ساحات فسيحة وبراري تم استغلالها مع حركة توسعة المدن الكبرى مثل ننجرهار وكابل ومزار شريف وهرات وقندهار.
الجهود المبذولة لاسترداد الأراضي الحکومیة
من جملة الأراضي المغصوبة، تم استرداد 400 ألف جريب فقط، بالإضافة إلى ذلك فإن مكافحة الحكومة لغاصبي الأراضي راحت ضحية المصالح السياسية[4].
اتُّخذت خطوات لاسترداد الأراضي المغصوبة في فترة رئاسة الرئيس السابق حامد كرزاي وكذلك في فترة حكومة أشرف غني، إلا أن هذه الخطوات لم تكن كفيلة بحل المشكلة من جذورها. إن مشكلة غصب الأراضي باتت لدى الحكومة مثل العُقدة التي لا يمكن فتحها، حيث إن الغاصبين زوّروا لجميع الأراضي المغصوبة وثائق ملكية، وقد تم تبديل معظم هذه الأراضي إلى مجمعات سكنية وتم بيعها لعامة السكان. والآن بات من الصعب جدا على الحكومة أن تستردّ الأراضي من عامة السكان وأن تُخرجهم من منازلهم. كما أن مُعظم غاصبي الأراضي يعيشون خارج أفغانستان.
الكثير ممن غُصبت أراضيهم حُذفت أساميهم مع مرور الوقت، وتركوا ملاحقة ممتلكاتهم. بالنظر إلى الوضع الحالي، لا يظهر أن تهديد الرئيس غني لغاصبي الأراضي الحكومية ضمن برنامج (تطوير نظام ملكية الأراضي في أفغانستان)[5] قد أدى إلى النتيجة التي نشدها. قد هدد الرئيس حينها بأنه سيتم تشكيل محكمة خاصة لمحاكمة من غصبوا الأراضي، وفي حال عدم استسلامهم فسيتم الإفصاح عن أسمائهم. إلا أنه لم تُتخذ خطوات عملية كافية حيال هذا الصدد خلال فترة حكومة الوحدة الوطنية. من جانب لا توجد هناك قوانين محددة لملاحقة غاصبي الأراضي في أفغانستان، ومن جانبٍ آخر فإن الدوائر العدلية والقانونية عاجزة عن ملاحقة غاصبي الأراضي، لذا لم تقدر الحكومة خلال الأعوام الماضية أن تستردّ الأراضي المغصوبة.
السبیل إلی الحل
قبل كل شيء، يحتاج منع غصب الأراضي إلى قرار صارم ثم إلى برامج عملية. في تاريخ 23/سبتمبر/2013م تم تصويب أطروحة قانون منع غصب الأراضي الحكومية وغير الحكومية ومنع التصرف فيها من قِبل مجلس نواب البرلمان، ومع ذلك فإن غصب الأراضي مازال مرضا لا دواء له، وليست المشكلة مقتصرة على عدم توقف غصب الأراضي بل المشكلة هي استمرار هذه الجريمة النكراء.
تقدر الدولة من خلال تنفيذ برنامج بنك الأراضي الحكومية الذي أُسس لأجل مسح وتسجيل الأراضي الحكومية والأملاك العامة أن تمنع من غصب الأراضي الحكومية، وأن تُمهد لطرح وتنفيذ خطط الحكومة الاقتصادية والتنموية وتنفيذ مشاريع البنية التحتية ومشاريع المصالح العامة، وتأجير الأراضي للقطاع الخاص وتوزيع الأراضي للعائدين من المهجر والنازحين المحليين والبدو وورثة الشهداء، والأهم من ذلك تعزيز حرمة غصب الأراضي والتطاول على الممتلكات العامة، ومما يُؤسف له أن هذه الأمور لم تشهد أي خطوات ملموسة.
[1] https://www.independentpersian.com/node/37951/%D8%BA%D8%B5%D8%A8-%D8%B2%D9%85%DB%8C%D9%86%D8%8C-%D8%AF%D8%B1%D8%AF-%D8%A8%DB%8C%E2%80%8C%D8%AF%D8%B1%D9%85%D8%A7%D9%86-
[2] https://www.google.com/amp/s/amp.dw.com/fa-af/%25DA%2586%25D9%2587%25D8%25A7%25D8%25B1-%25D9%2588-%25D9%2586%25DB%258C%25D9%2585-
[3] http://afghannews.af/%D8%AB%D8%A8%D8%AA-%D8%A8%DB%8C%D8%B4-\
[4] https://www.goolgle.com/amp/s/da.azadiradio.com
[5] http://www.google.com/amp/s/da.azadiradio.com/amp/29041543.html