بسبب انتشار وباء كورونا تضررت قطاعات كثيرة في كافة دول العالم ومن هذه القطاعات قطاع التصدير والاستيراد. التصديرات التي كانت تُصدَّر من أفغانستان إلى باكستان بحجم كبير تم إيقافها من الجانب الباكستاني من بداية شهر مارس/2020م إلى تاريخ 22/يونيو/2020م منعا لانتشار الوباء.[1] وقبل ذلك أغلقت باكستان معابرها المشتركة مع أفغانستان لإيقاف حركة التصدير إلى باكستان مما ألحق أضرارا كثيرة بالتجار الأفغان.[2] في هذا المقال الصادر من مركز الدراسات الإستراتيجية والإقليمية سنسلط الضوء على التصديرات الأفغانية إلى باكستان وما تواجهها من تحديات، كما سنتحدث عن تأثيرات إعادة فتح المعابر الحدودية على حركة التصدير في البلد.
نبذة عن تصديرات أفغانستان
تُشكل تصديرات أفغانستان نسبة 20% من الناتج المحلي الإجمالي، ويصل قدرها على أقل تقدير إلى 69.1 مليون دولار وعلى أعلى مستوى يصل قدرها إلى 875.24 مليون دولار. وقد بلغ قدر التصديرات الأفغانية عام 2019م قدر 863.83 مليون دولار مما جعل أفغانستان ضمن قائمة الدول المُكثرة من التصدير والبالغ قدرها 141 دولة.[3]
تُصدّر أفغانستان العنب والفواكه الأخرى والمكسرات والخضروات والسجاد والفحم الحجري والأحجار الكريمة وبعض السلع الأخرى وفيما يلي نسب التصدير من أفغانستان إلى الدول الأخرى:
باكستان (42.9%)، الهند (40.6%)، الصين (3.2%)، تركيا (2.5%)، إيران (2.3%)، الإمارات العربية المتحدة (1.8%)، العراق (1.5%)، طاجكستان (0.8%)، السعودية (0.7%)، ألمانيا (0.6%)، كازاخستان (0.5%).[4]
وإذا أردنا حساب التصديرات وفق القارات فإن نسبة التصديرات الأفغانية إلى الدول الآسيوية هي 98.1% كما أن نسبة التصدير إلى أوروبا 1.4% وإلى أمريكا الشمالية 0.4% وإلى أستراليا 0.1% وإلى أفريقيا تبلغ النسبة 0.02%.
يُعد قدر التصدير الأفغاني مقارنة بما تستورده أفغانستان من الخارج قدرا ضئيلا، حيث تبلغ نسبة التصديرات 5% من إجمالي الاستيراد إلى أفغانستان.[5]
السلع الصادرة من أفغانستان إلى باكستان
أفغانستان التي لا تطل على أي حدود أو معابر مائية تواجه تحديات كثيرة في مجال التصدير. الأوضاع السياسية والأمنية التي تمر بها البلد تؤثر غالبا تأثيرا سلبيا مباشرا على حركة التصدير الأفغاني. على سبيل المثال فإن باكستان التي تُصدر إليها معظم التصديرات الأفغانية في حال اضطراب العلاقة السياسية بينها وبين أفغانستان أو في حال حدوث هجوم إرهابي في باكستان[6]، 6 فإن ذلك يؤثر على عملية التبادل التجاري بين البلدين وبشكل أخص على التصدير من أفغانستان، كما يسبب تضررا للتجار الأفغان يُقدر بملايين الدولارات، وذلك لأن باكستان تغلق معابرها الحدودية في وجه أفغانستان وتدعي بأن الهجمات الإرهابية الحاصلة في باكستان وقعت بتخطيط من داخل أرض أفغانستان [7].
مع أنه تم توقيع اتفاقية التجارة بين أفغانستان وباكستان عام 1965م وتم إعادة النظر في الاتفاقية عام 2010م.[8] مما سمح للتجار الأفغان بنقل بضائعهم داخل الأراضي الباكستانية إلى الحدود الهندية وإحضار البضائع الهندية ونقلها من خلال أرض باكستان وفي مقابل ذلك سُمح للشاحنات الباكستانية بنقل بضائعها داخل جميع أراضي أفغانستان، إلا أنه لوحظ أن باكستان استغلت انقطاع أفغانستان عن الموانئ البحرية ونفذت باكستان الاتفاقية المذكورة بشكل أحادي الجانب ولذا وضعت عقبات كثيرة أمام حركة التصدير الأفغاني.
تُعد أفغانستان سوقا اقتصادية قريبة لباكستان، وتستورد أفغانستان قدرا كبيرا من البضائع من باكستان، ومن جانب آخر فإن باكستان كذلك هي السوق الاقتصادية القريبة لبيع السلع الأفغانية. إلا أن اختلال جو الثقة بين البلدين عرقل حركة التجارة بينهما وأضر بالتصدير في كلا البلدين.
عندما بدأت الحكومة الباكستانية هجماتها العسكرية في منطقة وزيرستان عام 2014م أغلقت معبرها الحدودي مع أفغانستان المسمى بمعبر غلام خان.[9] بالإضافة إلى ذلك تم إغلاق معابر (طورخم) و (تشمن) من جانب باكستان عند حصول الهجمات الإرهابية في باكستان أو عند تدهور العلاقات السياسية بين البلدين أو لغير ذلك من الأسباب.
منذ مارس/2020م أغلقت باكستان معابرها الحدودية في وجه أفغانستان بشكل كامل بسبب انتشار فيروس كورونا. مع أن وباء كوفيد-19 عُد وباء عالميا فإن أسعار السلع الأساسية ارتفعت بشكل ملحوظ في كابل عاصمة أفغانستان وغيرها من المحافظات، وسبب ارتفاع السلع وذلك لتعرقل دخول التصديرات الباكستانية إلى أفغانستان وثانيا بسبب تعطل حركة التصدير من أفغانستان.
وفق تصريح المسؤولين الباكستانيين فإن السلطات الأفغانية طالبت بفتح المعابر الحدودية في أوائل أزمة كورونا ثلاثة أيام في الأسبوع لدخول التصديرات الباكستانية إلى أفغانستان فقط من خلال معبرَي “طورخم” و “تشمن”. في تاريخ 20/يونيو/2020م صرحت وزيرة الخارجية الباكستانية عائشة فاروقي بأن معابر طورخم و تشمن و غلام خان بدءا من تاريخ 22/يونيو ستفتح ستة أيام في الأسبوع لدخول الاستيرادات من البلدين كما أن المعابر المذكورة ستُفتح ليوم واحد لعبور المسافرين، وذلك حسب طلب السلطات الأفغانية وتنفيذا لما تُملية القِيم الإنسانية. وعند التأمل نجد أن فتح هذه المعابر لا يفيد أفغانستان وحسب وإنما يُعد مصلحة كبيرة لحكومة باكستان وشعبها كذلك.
التحديات التي تواجه التصديرات الأفغانية
بما أن أفغانستان تُصدّر في الغالب الفواكه والمكسرات والخضراوات فإن التصدير يُعد مصدر دخل مهم للمزارعين الأفغان. مع أن الحكومة الأفغانية أبدت تصريحات حول حل أزمة التصديرات إلا أن المزارعين والتجار يواجهون في هذا الصدد تحديات وصعوبات كبيرة.
شوهد كثيرا أن المزارعين الأفغان لم يكونوا مستعدين لعرض بضائعهم من الفواكه الطازجة في السوق لانخفاض الأسعار وذلك لأن تكلفة عرض بضائعهم في السوق تقلل من قيمة دخلهم من بيع الفواكه. على سبيل المثال فإن المزارعين في ولاية فراه يشتكون من أن سعر الكيلو من البطيخ في موسمه يصل إلى روبية واحدة وهذا يُسبب مشاكل اقتصادية كبيرة لهم.
ويُذكر كذلك من جملة الأسباب التي خلقت تحديات كبيرة أمام التصديرات الأفغانية زيادة الضرائب من الجانب الباكستاني على التصديرات الأفغانية، وتفتيش جميع أو معظم الشاحنات الأفغانية بشكل يسبب إتلاف الفواكه الطازجة والخضراوات، وإعادة دخول البضائع الأفغانية من باكستان إلى أفغانستان على شكل مُنتجات منسوبة إلى باكستان، وعدم حيازة الحكومة الأفغانية لخطط مؤثرة تتعلق بملف التصديرات الأفغانية.
النتائج
مع انتشار وباء كورونا الذي زلزل الحركة الاقتصادية وعمليات التبادل التجاري في جميع دول العالم، بات من الضروري أن تسعى باكستان للالتزام باتفاقية التجارة الموقعة بينها وبين أفغانستان (APTTA) بشكل يصب في مصلحة الطرفين، بحيث لا تبرز الاختلافات السياسية حين التبادل التجاري بين البلدين. مع أن عدد القوات الأجنبية قل بشكل ملحوظ في أفغانستان منذ عام 2014م مما كان له أثر سلبي على التبادل التجاري بين باكستان وأفغانستان، فإن خروج بقية القوات الأجنبية من أفغانستان قد يخلق تحديات كبيرة في وجه التصديرات الأفغانية، وذلك أن خروج القوات الأجنبية سيعقبه اضطرابات سياسية وأمنية وانخفاض في سعر الدولار مما سيكون له تأثيرات سلبية كبيرة على الاقتصاد الأفغاني. لذا على الحكومة الأفغانية أن تعيد النظر في سياساتها حيال الاستيراد والتصدير. مع أن الرئيس الأفغاني محمد أشرف غني بعد اعتلائه كرسي الرئاسة للمرة الثانية وجّه وزير الخارجية بإعداد سفارات أفغانستان للعمل على التسويق للمنتجات الأفغانية في الدول التي تنشط فيها، وذلك عمل يُحمد عليه، إلا أن وضع البلد والمنطقة يوجب اتخاذ خطوات مؤثرة وقوية لأجل رفع معدل التصديرات الأفغانية إلى الخارج.
علاوة على ذلك، ينبغي على الحكومة الأفغانية أن توجد حلولا شاملة لقضايا التأشيرة والضرائب وإغلاق المعابر الحدودية من الجانب الباكستاني، كما عليها أن تساعد المزاعين وأصحاب البساتين في زيادة نسبة إنتاجهم حتى تقل الاستيرادات من الخارج، ويُستغنى إلى حد كبير عنها بالإنتاج المحلي.
[1] https://www.dawn.com/news/1539671
[3] https://oec.world/en/profile/country/afg
[4] http://www.worldstopexports.com/afghanistans-top-10-exports/
[5] https://www.files.ethz.ch/isn/193664/PB191-The-Future-of-Afghanistan-Pakistan-Trade-Relations.pdf
[6] https://tribune.com.pk/story/1329614/border-afghanistan-shut
[7] https://tribune.com.pk/story/1360336/pm-nawaz-orders-pak-afghan-border-reopened-immediately
[8] https://www.files.ethz.ch/isn/193664/PB191-The-Future-of-Afghanistan-Pakistan-Trade-Relations.pdf
[9] https://tribune.com.pk/story/2246187/1-pakistan-afghanistan-reopen-key-trade-route-june-22