مقدمة
انعقدت في العاصمة الطاجيكية مدينة دوشنبه الجلسة الثانية بخصوص البدء بمشروع سكة الحديد بين أفغانستان وطاجكستان وتركمنسان وتمت فيها الموافقة على أن يكون طول السكة الأصلي 635 كيلومترا وفرعها الجانبي 160 كيلومترا.
وكانت قد تمت الموافقة بين رؤساء هذه الدول الثلاث في مايو/أيار 2013م، على إحداث هذا الطريق الحديدي.
في هذه الجلسة الثلاثية تم أخذ القرار بأن يبدأ العمل من طاجكستان إلى اتجاهين اثنين في نفس الوقت وأن يتم المشروع الفرعي خلال ثلاث سنوات وبتكلفة تبلغ 240 مليون دولار أمريكي، وهو أمر سيشكل مصدرا رئيسا للدخل الأفغاني من قطاع العبور. ناقش قسم التحليل في مركز الدراسات الإستراتيجية والإقليمية هذا الموضوع وإليكم التفاصيل:
التعويل على الدعم الأجنبي وفرص مضيعة
إن عدم تواجد مشروع اقتصادي شامل، والمستوى المنخض لدى القطاع العام والخاص، والأمن المتردي، والحكومة الضعيفة، والفساد المتفشي في المؤسسات الحكومية، وإهمال المؤسسات الاقتصادية الأساسية مثل قطاع الكهرباء، والغاز، وسكك الحديد، وطرق العبور الرئيسة، والمطارات الكبيرة وعوامل أخرى صغيرة وكبيرة تعتبر من موانع النمو الاقتصادي.
من وجهة نظر الخبراء الاقتصاديين إن الخطة التي تم وضعها في 2002، في إطار “برامج التنمية الوطنية” مع ضعفها بقيت حبرا على الورق ولم يطبق كما كان ضروريا، وكما كان ينتظر تطبيقه في إطار “برامج التنمية الوطنية”.
في أكثر من عقد مضى كان الإتكاء على الدعم الأجنبي، والحقيقة أن الدعم الأجانبي يأتي من أجل أهداف خاصة، ويمكن أن يكون له تأثير كبير أحيانا، كما حدث في أروبا إثر الحرب العالمية الثانية وثبت “مشروع مارشال” مؤثرا في تنمية أروبا الاقتصادية، ولكن في أفغانستان لم يكن التأثير واضحا ولربما أحد أسبابها إلى جانب الأسباب الأساسية هو أن الهدف من وراء هذا المشروع لم يكن اقتصاديا فحسب بل كان سياسيا أيضا.
يرى بعض الخبراء الاقتصاديين، بأنه لو وجد حل أفغاني مؤثر شامل للأزمات الاقتصادية لكان ممكنا لأفغانستان أن تنطلق في مسيرة اقتصادية ذات استقرار، وفي البداية كان من الضروري ايجاد مصادر دخل مناسبة من أجل المصارف، وكذلك كان ضروريا إحداث توازن بين الدخل والمصرف في الميزانية العامة ووضع خطة اقتصادية وطنية شاملة توضح الرؤية الاقتصادية الأفغانية في الأمد القريب والبعيد.
إن إحداث السدود الصغيرة وإدارة المياه الجارية وتحديث القطاع الزراعي وتنميته ووضع أولولية للنمو الاقتصادي، تأتي في قائمة أمور يعتبرها الاقتصاديون فرصا ضائعة، ويقولون إن الظروف المهيأة في هذا القطاع من الموارد البشرية والمياه الكثيرة والأراضي الشاسعة والصحاري وقلة الضرورة لقوى أخرى منها الأمنية تدل على أن إمكانية الإزدهار في هذا القطاع كانت كبيرة.
فرصة قطاع العبور ومشارع مستقبلية
إن العبور ذو أهمية كبيرة في دخل أي بلد، ولكن في أفغانستان فإن ضعف هذا القطاع ناتج عن الأمن المتدهور، والمنافسة الإقليمية وغياب أسس للعبور، والحكومة الضعيفة والفساد الموجود في المؤسسات الحكومية وغيرها من الأسباب.
إن لأفغانستان من وجهة نظر الجغرافيا الاقتصادي أهمية كبيرة وخير دليل على ذلك طريق الحرير، الذي يتمتع بشهرة تاريخية وكان قد قل إلى حد كبير العبور البحري والأرضي، والآن وعلى عتبات النمو الاقتصادي وظهور المواهب الاقتصادية الحيوية في آسيا بذلت جهود كثيرة من أجل إحياء طريق الحرير.
مع أن الحكومة الأفغانية لم تأخذ بزمام المبادرة في هذا المجال، إلا أن قضية طريق الحرير تبقى مطروحة للمناقشة في المحافل الدولية. فمن الضروري أخذ خطوات عملية جادة تجاه هذه الأولوية وإعادة الموقع الجيو استراتيجي والجيو اقتصادي لأفغانستان في قطاع النقل والعبور.
إن مشروع طريق الحرير يحمل أهمية اقتصادية وسياسية كبيرة إلى جانب مشارع نقل الغاز والكهرباء، ومشارع سكك الحديد التي يتكلم المسؤولون المحليون والدوليون بين الحين والآخر عن بداية العمل عليها. أهمية هذه المشارع تكمن في ايجاد فرص العمل، ورفع مستوى الدخل والنمو الاقتصادي. إن استعداد أفغانستان لبدء تلك المشارع من جانب ومن جانب آخر هذه المشارع الاقتصادية الإقليمية الكبيرة من شأنها أن تجلب للمنطقة الاستقرار السياسي والرفاه الاجتماعي، فعلى الحكومة الأفغانية أن تجعل هذه القضية من أولوياتها. النهاية