بناءً على الإحصاءات كان الاقتصاد الأفغاني سائرا في خط صعودي منذ 2003م، وإلى 2009. ولكن عندما اشتدت الحرب في البلد، تدهور الوضع الأمني، وسادت حالة من التوتر السياسي، ومع إعلان القوات الأجنية انسحابها، قلّ الاستثمار، وبدأ اقتصاد البلد يتدهور في 2013م، و2014م.
في 2014م، وإثر خلافات سياسية وتشكيل “حكومة الوحدة الوطنية”، بعد تأجيل كبير، وبعد تأخير في إكمال الحقب الوزارية، والتدهور الأمني، وانتقال الحرب إلى شمال البلد، وسقوط المديريات واحدة تلو الأخرى، كل ذلك أثّر سلبا على اقتصاد البلد في 2015م، وللمستقبل.
أفغانستان تواجه حاليا، توترا سياسيا وأمنيا، وتواجه وضعا اقتصاديا سيئا أيضا. فقد قلّ معدل النمو الاقتصادي، وتزداد البطالة يوميا، وتسود أزمة مالية، واضمحل الاستثمار الذاتي، وتتراجع العملة الأفغانية يوميا أيضا. لو ننظر إلى سير العملة الأفغانية في الأسبوع الماضي (22-29أغسطس)، ندرك أن العملة الأفغانية لم تتراجع طيلة عقد من الزمن، هذا التراجع أمام الدولار.
بالنظر إلى هذه المعطيات، ناقش مركز الدراسات الاستراتيجية والإقليمية وضع الاقتصاد الحالي للبلد.
نمو الاقتصاد الأفغاني
منذ 2001، إلى 2012م، كان معدل نمو الاقتصاد الأفغاني 9%. وسجل عام 2009، نقطة أعلى في تلك الفترة، وكان معدل النمو فيه 21%. ولكن بعد 2009م، بدأ النمو بالنقص. وأصبح في 2010، %8,4 وفي 2011 %6,1 وفي 2012، %14,4 وفي 2013م، %1,9، وفي 2014، 2%[1].
الجدول الأول: نمو الاقتصاد الأفغاني بين 2003م، و2014م.
وتكمن عوامل تقلص النمو الاقتصادي للبلد في الآتي:
- إعلان القوات الأمريكية في 2009، انسحابها من أفغانستان، مما أحدث انعدام ثقة في المجال الاستثماري.
- منذ ذلك العام وتواجه أفغانستان حالة تصاعدية من التدهور الأمني والاضطراب.
- في عام 2012، وصل معدل النمو 14,4%، وكان سببه ازدياد في المحاصيل الأفغانية.
- شهد عام 2013م، انعدام ثقة في مجال الأعمال إذ سبب عدم توقيع الاتفاقية الأمنية فيه، خلافات كثيرة مما أثر على وضع البلد، وتقلص معدل النمو. وكان القلق يساور المستثمرين تجاه المستقبل، وأصبح معدل النمو 1,9%.
- في عام 2014م، كان معدل النمو 2%. وكان سبب نقصه تدهور الأمن، والاضطرابات السياسية، وتأخير تشكيل الحكومة الجديدة بعد إجراء الانتخابات، انسحاب القوات الأجنبية مع تقلص في ميزانيتها.
بناءً على “بنك آسيا للرقي”، سيبقى معدل النمو في الاقتصاد الأفغاني العام الجري 2,5%. هذا إن استقر الأمن، واستقر البلد سياسيا، ولكن الأوضاع الحالية لا تعطي مؤشرا للوصول إلى ذلك المعدل.
الميزانية
بناءً على التقرير الفصلي لوزارة المالية الأفغانية، جمعت الحكومة الأفغانية من دخلها ما يبلغ 52,37 مليار أفغاني، وأكملت 43% من دخلها المقرر. وهو ما ينقص 5% من الدخل المقرر لدى الحكومة، (أي55,35 مليار أفغاني). لو نقارن هذا العدد مع أرقام العام الماضي في ستة شهور (47,4 مليار دولار)، نلاحظ 10% زيادة هذا العام[2].
كانت ميزانية أفغاستان 436,85 مليار أفغاني، منها 283,94 من الميزانية العادية، و152,88 من الميزانية التنموية. وتدعي الحكومة بأن دخلها تكمل 28%من ميزانيتها العادية، وبنت 72% منها على المساعدات الأجنبية. ويكمل الدخل الأفغاني 54% من الميزانية التنموية[3].
وواجهت ميزانية ستة شهور الأولى من العام الجاري نقصا بلغ 384,4%، واشتدت الأزمة منذ 2012. في 2011، و2012، كان دخل أفغانستان الخالص 11,6%، وصل عام 2014، 8,4%. وفي نفس العام بلغ نقص الميزانية 537 مليون دولار. ودعمت الدول الأجنبية 190 مليون دولار، وتم إكماله من جزء آخر من مصارف الحكومة[4].
ويمكن حل هذه الأزمة المالية، بإجراء إصلاحات في إضافة الدخل، وأن يتم الحصول على دعم أجنبي[5]. ويتم عقد مؤتمر الشهر الجاري في كابول من أجل الحصول على الدعم، عقدت لها جلسات عدة في القصر الرئاسي. إلا أن الفساد الإداري يشكل عائقا كبيرا في جلب المساعدات الدولية، لكن فتح ملفات قضائية لستة رؤساء من وزارة إحداث المدن، واسترجاع 50% من أموال “كابل بانك” إليه، إنجاز كبير للحكومة، وسيلعب دورا في جلب المساعدات الأجنبية[6].
التجارة
كان وضع التجارة الأفغانية في الربع الأول من عام 1394 الهجري الشمسي كالتالي:
بلغ حجم التصدير الأفغاني 116,22 مليون دولار، وبلغ حجم الاستيراد 1,91 مليار دولار. وكان أكثر الاستيراد من باكستان، بلغ 471 مليون دولار، ومن إيران بلغ 453 مليون دولار، ومن الصين 253 مليون دولار[7]. وكان الاستيراد يشمل القمح، والزيت النباتي، والنفط، والأسمنت، والأسلاك العمرانية، والأغراض الكهربائية، والسيارات، وضروريات الإعمار.
وكان أكبر حجم التصدير إلى باكستان أيضا، بلغ 50 مليون دولار، تليها الهند ب20 مليون دولار. ويُعتبر سبب ازدياد التصدير الأفغاني إلى باكستان قلة المحاصيل الباكستانية العام الماضي[8].
وازداد التصدير الأفغاني في هذه الفترة 61%، وكان سببه ارتفاع سعر نبت “شيرين بويه” في الأسواق العالمية. ومن أسباب ذلك أيضا الازدياد في المحاصيل الأفغانية، ومن هنا تشكل الفواكه الجافة، و”شيرين بويه”، والخضروات، أكبر جزء من التصدير الأفغاني[9].
بشكل عام بلغ حجم التجارة الأفغانية في الربع الأول من عام 1394 الهجري الشمسي، 2032 مليون دولار، وبلغت الخسارة 1799 مليون دولار.
سعر العملية الأفغانية
في 2002، و2003، بدّلت أفغانستان عملتها، وكان سعر دولار واحد في يناير من 2005، 48 أفغاني، أصبح في 2013، 58,27 أفغاني. بداية عام 2014م، كانت العملة الأفغانية في وضع حسن، وأصبح 56,33، إلا أنها فقدت مكانتها كثيرا لأسباب كثيرة، وفي يناير من 2015، أصبح 60,1 والان في شهر أغسطس بلغ سعر دولار واحد 65,16 أفغاني[10].
وتكمن عوامل تراجع العملة الأفغانية أمام الدولار في الآتي:
- لم تكن العملة الأفغانية قائمة على نفسها، بل ارتفاعها كان اصطناعيا، وكان متكأ على الدولار دوما،
- الوضع الأمني المتدهور والاضطرابات الأمنية،
- نقص طلب العملة الأفغانية في السوق، فقد كان كثير من الأفغان يعملون لدى الأجانب ويحصلون على الدولار ويعرضونه في السوق ليحصلون على العملة الأفغانية، وهي عملية كانت تزيد من ارتفاع سعر العملة الأفغانية، الآن ومع قلة المؤسسات الأجنية أو مغادرتها قلّص طلب “الأفغاني” في السوق.
- ارتفاع سعر الدولار عالميا، وانخفاض الدعم الأجني للبلد هو عامل آخر[11].
المصدر: موقع البنك الأفغاني المركزي: (http://dab.gov.af/en/DAB/currency)
البطالة
مع عدم وجود أرقام دقيقة حول البطالة في أفغانستان، إلا أن رئيس اتحاد العُمال قال لوكالة “بجواك”، إن 13 مليون شخص يفقدون العمل أو يعملون بأجرة قليلة[12]. هي أرقام يصعب الجزم بها، ومن دون ذلك أيضا، للبطالة ثقل كبير على عاتق الشارع الأفغاني، ويزيد يوميا من أعداد العاطلين عن العمل.
ومن الضروري التعويل على الزراعة مبدئيا من أجل إنهاء البطالة، لأن كثيرا من الأفغان لديهم صلة بالزراعة. ومن جهة أخرى يمكن للمناجم الأفغانية أن تلعب دورا كبيرا في إحداث العمل.
النهاية
[1] أرقام البنك العالمي.
[2] For further details see the semi-annual performance report 1394 online at:< http://mof.gov.af/Content/files/MoF%20SEMI%20ANNUAL%20PERFORMANCE%20REPORT%201394%20RIMU.pdf>
[3] For further details see the semi-annual performance report 1394 online at: <http://mof.gov.af/Content/files/MoF%20SEMI%20ANNUAL%20PERFORMANCE%20REPORT%201394%20RIMU.pdf>
[4] For further details see William A. Byrd, Afghanistan’s continuing fiscal crisis: No end in sight, United States Institute of Peace, Peace Brief 185, May 2015, see it online:< http://www.usip.org/sites/default/files/PB185-Afghanistans-Continuing-Fiscal-Crisis-No-End-In-Sight.pdf>
[5] المرجع السابق.
[7] لمزيد من التفاصيل راجع الرابط التالي: http://cso.gov.af/Content/files/%D8%B1%D8%A8%D8%B9%20%D8%A7%D9%88%D9%84%20%D9%88%D8%A7%D8%B1%D8%AF%D8%A7%D8%AA%201394.xlsx
[8] لمزيد من التفاصيل، راجع الرابط التالي: http://cso.gov.af/Content/files/%D8%B1%D8%A8%D8%B9%20%20%D8%A7%D9%88%D9%84%20%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D8%AA1394.xlsx
[9] See online:
http://www.pashtovoa.com/content/afghan-exports-increase-127727043/1199996.html
[10] أرقام بنك أفغانستان المركزي: http://dab.gov.af/en/DAB/currency
[11] لمراجعة آراء المحللين، راجع الرابط التالي: http://www.bbc.com/pashto/afghanistan/2015/08/150818_ma_dollar_rates_increas_in_afghaistan_
[12] See online: http://www.dailyafghanistan.com/national_detail.php?post_id=127558