في الأسبوع الماضي شهدت البلد فيضانات موسمية شديدة في أربع عشرة محافظة. وقد نجم عن هذه الفيضانات خسائر في الأموال والأرواح وكانت مدينة جاريكار الواقعة بمحافظة بروان هي الأشد تضررا.[1] وتأتي في الترتيب من ناحية تكبد الخسائر عقب محافظة بروان على درجات متفاوتة محافظات: كابيسا، كابل، ميدان وردك، بنجشير، لوجر، بكتيا، بكتيكا، ننجرهار، خوست، نورستان، باميان، لغمان وغزني.[2]
مع أن أفغانستان من جملة الدول التي تتكبد خسائر سنوية جراء حدوث الفيضانات والكوارث الطبيعية، إلا أن الفيضانات الأخيرة تسببت في كارثة قل وقوع نظير لها في العقد الماضي. في هذا المقال سنتناول بالبحث والتنقيب موضوع الفيضانات الحديثة في أفغانستان.
الأضرار الناجمة عن حدوث الفيضانات
في تاريخ 1/سبتمبر/2020م صرح وزير الدولة في شؤون الكوارث الطبيعية غلام بهاء جيلاني ضمن مؤتمر صحفي قائلا: “حدثت فيضانات في محافظات بروان وكابيسا وبنجشير وميدان وردك ولوجر وكابل وننجرهار وبكتيا وخوست ونورستان وكنر ولغمان وباميان وغزني، واستشهد فيها 190 شخص ومازالات الأرقام في تصاعد، كما جُرح 172 شخص، وقد هُدم عدد 1055 منزل بشكل كامل كما هُدم عدد 2960 منزل بشكل جزئي”.[3]Top of Form
من الأضرار الناجمة كذلك عن حدوث الفيضانات في أربع عشرة محافظة في أفغانستان نفوق عشرات الآلاف من المواشي، وتضرر آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية والبساتين، ومئات الحوانيت وعدد من السيارات.
وبين هذه المحافظات الأربع عشر، فقد كانت مدينة جاريكار الواقعة بمركز محافظة بروان هي الأكثر تضررا من الفيضانات الأخيرة وعُدت الموقع الأول للحدث. وفق تصريح وزير الدولة في شؤون الكوارث بأفغانستان غلام بهاء الدين جيلاني فقد سقط عدد 121 من القتلى وجُرح عدد 136 شخص واختفى عدد 15 شخص في محافظة بروان. والنسبة الأكبر بين الضحايا من فئة النساء والأطفال. وحسب تصريح جيلاني فإن عمليات الإنقاذ مازالت مستمرة ولا يبعد أن يزيد عدد الضحايا.[4]
من الخسائر المالية التي تكبدتها محافظة بروان انهدام 500 منزل وتضرر مئات البقالات ومئات الهكتارات من الأراضي الزراعية والبساتين وتعطل عدد من السيارات والمركبات. لم تكتمل عمليات الإنقاذ بعد كما لم يُعمل مسح استقصائي دقيق لرصد الخسائر والضحايا بشكل كامل، ولا يُستبعد أن تتغير الأرقام المذكورة أعلاه.[5]
إضافة إلى ذلك فقد تضررت قناة جاريكار المائية، وقد كان عدد كبير من سكان محافظة بروان يستخدمون القناة المذكورة لري حقولهم وبساتينهم، كما كان للقناة دور مهم في تغذية المياه الجوفية في المناطق المذكورة.
عقب محافظة بروان فإن ترتيب المحافظات المتضررة من حيث وضوع الضحايا كالتالي: كابيسا (20 شخصا)، كابل (10 أشخاص)، ننجرهار (8 أشخاص)، ميدان وردك (8 أشخاص)، بنجشير (3 أشخاص)، بكتيا (شخص واحد).[6] مع أن الخسائر المالية في هذه المحافظات لم تُقدر بعد إلا أنه لا يُستبعد أن تُقدر الخسائر بملايين الدولارات.
دعم المتضررين
عقب حدوث كارثة الفيضانات في أربع عشرة محافظة في أفغانستان ومن ضمنها محافظة بروان، قام عدد من الشخصيات والمؤسسات الحكومية والدولية والمؤسسات الإغاثية وعدد من المواطنين النجباء وقوات الدعم الخاصة بتقديم المساعدات للولايات المتضررة وخصوصا محافظة بروان.
صرح تميم عظيمي المتحدث باسم وزارة الدولة في شؤون الكوارث الطبيعية في أفغانستان بوصول المواد الغذائية لأربع عشرة محافظة وقال بأنه تم توزيع المواد الغذائية على أربعة آلاف أسرة متضررة. كما أضاف أن توزيع المساعدات الحكومية مازال مستمرا حيث تُمنح كل أسرة من أُسر الضحايا مبلغ 50 ألف أفغاني كما يُمنح كل جريح مبلغ 25 ألف أفغاني، وقد استلم عدد 106 شخص في محافظة بروان هذا الدعم حتى الآن.[7]
وقد قدم الجيش الأفغاني دعما للمتضررين كذلك في نواحي مختلفة منها إخراج أجساد العالقين بين أنقاض المباني.
في الوقت ذاته أعلنت عدد من المؤسسات الدولية بدء دعمها للمتضررين من الفيضانات، ومن هذه المؤسسات مؤسسة التنمية الدولية الأمريكية، واليونسيف، ومنظمة الغذاء العالمية التابعة للأمم المتحدة، وجمعية الهلال الأحمر الإيراني، ومنظمة الناتو.[8] كما تم تقديم يد العون للمتضررين من الفيضانات في الولايات الأربع عشر من قبل عدد من الشخصيات السياسية وغير السياسية والمؤسسات الخيرية والشركات التجارية والمؤسسات المدنية. ومن ضمن هذه المؤسسات مؤسسة “إحساس” الخيرية والاتحاد الإسلامي الطبي “إيما” من خلال مساهمة الأفراد المتطوعين، حيث سارعوا إلى محافظتي بروان وميدان وردك وقدموا مساعدات نقدية لعدد 110 أسرة.[9] كما بحث فريق “إيما” الطبي التطوعي ضرورات تقديم الرعاية الصحية بمحافظة بروان.
الاحتياجات الماسة
لا شك أن جريان الفيضانات في أربع عشرة محافظة في أفغانستان قد ألحقت خسائر ضخمة بعدد كبير من الأسر، حيث إن عودتهم للحياة الطبيعية – وفق ما كانوا عليه قبل حدوث الفيضانات – يتطلب ميزانية تبلغ ملايين الدولارات. إلا أنه من الضروري أن تُصرف المساعدات بصورة نزيهة وبعيدة عن الأيادي الملوثة بالفساد. كما ينبغي وضع إحياء الأراضي المتضررة من الفيضانات على رأس الأولويات.
بداية، تحتاج الشوارع العامة والفرعية، والمنازل والأراضي الزراعية والبساتين والحوانيت والقنوات الفرعية والكبرى ومجاري التصريف إلى تنظيف وتفريغ، ووفق الحكومة الأفغانية فقد بدأت هذه الأعمال حيث تم تنظيف عدد من الشوارع الرئيسية والفرعية وفُتحت للمرور. كما طمأن رئيس الجمهورية محمد أشرف غني محافظَ بروان بأنه كلف وزارة المالية ووحدة عمليات القصر الرئاسي بمهمة إعادة إنشاء قناة جاريكار.[10]
الخطوة التالية هي تقديم المساعدة للأسر المتضررة من الفيضانات والتي خسرت منازلها، بحيث يصبح بإمكانهم معاودة السكن بمنازلهم، ولا شك أن ذلك سيتطلب ميزانية كافية ودعما مجتمعيا. إضافة إلى ذلك لا بد من توزيع قطع أراضي للأسر التي لم يعد بإمكانها – بعد حدوث الفيضانات – إعادة إنشاء منازلها في مواقعها السابقة.
الخطوة الثالثة هي إعادة النازحين بسبب الفيضانات إلى منازلهم وأراضيهم، ولا شك أن ذلك لن يكون متاحا بدون مساعدة السلطات الحكومية والدعم المجتمعي.
هناك عدد من الأسر التي فقدت كل ما تملك، وهذه الأسر بحاجة إلى الدعم حتى تقف على أرجلها وتعود إلى حياتها الطبيعية.
النتائج
مع الأسف ألحقت الفيضانات أضرارا بالغة ببلدنا في وقت لم يسلم فيه بعدُ من تبعات فيروس كورونا. هناك العديد من المؤسسات الداخلية والدولية والمواطنين والشخصيات السياسية وغير السياسية التي قامت بتقديم يد المساعدة للمتضررين وكل ذلك يقع محل تقدير. إلا أن الدعم الأساسي إنما يكون بعد تقديم الاحتياجات العاجلة وذلك بإعادة المتضررين من الفيضانات إلى حياتهم الطبيعية، مما سيكلف ملايين الدولارات.
رغم أن هذا المرام – وهو إعادة المتضررين من الفيضانات إلى حياتهم الطبيعية – يُعد من وظائف ومسؤوليات الحكومة الأفغانية، إلا أن المؤسسات الداخلية والدولية أيضا يقع عليها عبء من المسؤولية الأخلاقية تجاه المواطنين الأفغان بأن يدعموهم في هذه الظروف الصعبة. لا يمكن استصغار دعم المؤسسات الخيرية الداخلية ومساعدة التجار الأفغان والمواطنين النجباء. كما يُعد من الضروري كذلك مساهمة خطباء المساجد والمنابر، ومعدّي البرامج الإعلامية في إحداث تضامن في الرؤى والأفكار وتسليط الضوء مراقبة عمل الحكومة تجاه دعم المتضررين من الفيضانات. كما أن بإمكان المراكز البحثية في البلد أن تتعمق في دراسة آثار الكارثة عبر إجراء بحوث استقصائية تهدف إلى العثور على حلول وأطروحات مبتكرة وعملية لرفع الأزمة الحاصلة من الفيضانات، ولأجل اتخاذ تدابير وقائية تهدف لتقليل الأضرار في الحوادث المشابهة المستقبلية، ويتم إشراك نتائج هذه البحوث مع الجهات المسؤولة.
[1] https://tolonews.com/fa
[2] https://da.azadiradio.com/
[3] https://da.azadiradio.com/
[5] https://ariananews.co/
[7] https://www.bbc.com/persian/afghanistan
[8] https://www.bbc.com/persian/afghanistan
[9] https://www.facebook.com/EhsasWelfareOrganization/posts/