شارك أشرف غني الرئيس الأفغاني ومعه عبدالله عبدالله الرئيس التنفيذي في جلسة الناتو في العاصمة البلجيكية بروكسل. مع أن حضور الرئيس الأفغاني في جلسة وزراء خارجية دول الناتو برأي بعض المراقبين كان غير لائق، إلا أنهم يرون أن الإثنين أرادا من ذلك جلب مساعدات دولية لأفغانستان.
وبما أن مهمة الناتو القتالية في أفغانستان تكون على وشك النهاية، بنهاية العام الجاري فإن هذه الجلسة كانت ذات أهمية كبيرة، ودرست استعداد الناتو لبدء مهمة جديدة في أفغانستان.
وكان بصحبة أشرف غني وعبدالله عبدالله مسؤولون آخرون أفغان، شاركوا بعد ذلك في مؤتمر لندن.
مهمة الناتو الجديدة في أفغانستان
منذ عام 2001م، هاجمت الناتو في أكبر إئتلاف في تاريخها تشكل من 50 دولة قادتها أمريكا. وقتها وحتى عام 2010م، كان عدد جنودها 130 ألف، وهو عدد سيتقلص بداية عام 2015م، بموجب الاتفاقية الأمنية بين أمريكا وأفغانستان إلى 12500 جندي.
في جلسة وزراء خارجية الناتو أكد الأمين العم للناتو ستولتنبرج مهمة الناتو الجديدة في أفغانستان، وأنها تبدأ بنهاية عام 2014م، وبداية عام 2015م.
مع أنه يكون من المقرر إنهاء المهلة القتالية للناتو بعد شهر تقريبا، وأن تبدأ مرحلة تدريب الناتو للقوات الأفغانية وإعطاء المشورة لها، ولكن الأوضاع الحرجة في البلد بحيث شهدت كابول خلال أسبوعين فقط 9 تفجيرات، هناك علامة استفهام كبيرة، في أفغانستان وفي المجتمع الدولي، أمام قدرات القوات الأفغانية للاضطلاع بمهمة الأمن. تظهر تصريحات المسؤولين الأمنيين الأفغان بأنهم سيقومون بطلب المساعدة من قوات الإئتلاف وأن هذه القوات تساعد الأفغان في الحرب، لأن القوات الأفغانية لم يتم تدريبها في السنوات الماضية حسب التوقعات.
ومن جانب آخر أكد الأمين العام للناتو، بأن القوات الأفغانية ستواجه هجمات شديدة من قبل طالبان بعد انتهاء مهمة الناتو. وفي ظل انعدام الثقة بين الناتو والحكومة الأفغانية بشأن الاضطرابات الأمنية في أفغانستان تبدو مهمة الناتو فاشلة وأنها تمد الحرب الأفغانية بوقود فقط.
وفي جلسة الناتو أكد مندوب الأمم المتحدة لدى أفغانستان “هيسم” أن حل الأزمة الأفغانية لا تكون بالحرب بل تكون بالطريقة السياسية. ولكن قبل الوصول إلى حل سياسي يعني حضور الناتو وأمريكا في أفغانستان استمرارا للحرب ولا تفسح المجال لأي حل سياسي.
وهاجم الرئيس الأفغاني في كلمته، مهمة الناتو خلال 13 سنة، وأنها حاربت من أجل مصالحها، وأن العراقيل الموجودة في أفغانستان لا تزال توجد. ويحس السيد غني بقلق تجاه مهمة الناتو واستمرار الحرب في أفغانستان.
وفي هذه الجلسة تمت مناقشة ملف أوكرانيا، ويبدو أن الناتو تريد أن تنصب جهودها في تشكيل إئتلاف أوروبّي ضد الروس وأنها تريد أن تحافظ على تواجد لها في أفغانستان فقط. وأشار أمين الناتو العام إلى هذا الأمر قائلا: “نحن نحفظ أعضاء الاتحاد، ونتعاون مع الأصدقاء”.
مؤتمر لندن
منذ 2001م، انعقدت مؤتمرات دولية كثيرة بشأن أفغانستان. مؤتمر بن الأول والثاني، مؤتمر روما، وباريس، وألمان، وكابول، و”قلب آسيا”، وشيكاغو، وتوكيو، والآن مؤتمر لندن، وهي من أهم المؤتمرات لأفغانستان، وفي هذه المؤتمرات تم التعهد بدعم أفغانستان ب80 مليار دولار.
وفي المؤتمر الأخير في لندن شارك مندوبو 70 دولة ومنظمة دولية تقريبا وذلك لمدارسة مستقبل أفغانستان بعد الانسحاب الأجنبي منها. يُعتبر هذا المؤتمر جزءا من مؤتمر توكيو والذي انعقد خصيصا لبحث مكافحة الفساد وإجراء نموذج حسن في الحكم في أفغانستان، لأن الأفغان ينتقدون طرق صرف المساعدات الدولية بطريقة غير مجدية.
مع أن أشرف غني وضّح برنامجه لمكافحة الفساد وإجراء نموذج جيد للحكم، إلا أن الخلافات الموجودة بين عبدالله عبدالله وأشرف غني حالت دون فوزهما بتشكيل الحكومة قبل مؤتمر لندن. بما أنهما فشلا في تشكيل الحكومة قبل مؤتمر لندن فإن ذلك يؤثر سلبا على جلب المساعدات الدولية لأفغانستان. وفي مؤتمر توكيو اُشترط لتقديم المساعدات لأفغانستان مكافحة الفساد وإجراء حكم جيد، وفي جلسة الناتو كرر أمينها هذا الأمر كشرط للمساعدات، وطلب من الحكومة الأفغانية أن تنفذ التزاماتها.
وشارك في مؤتمر لندن عشرات من أعضاء المجتمع الدولي، وأظهروا تفائلا بنتائج هذا المؤتمر، وتعهد فيها وزير الخارجية الأمريكي بجعل أفغانستان قوة إقليمية، ولكن وبشكل عام يرى الأفغان إلى الحكومة الحالية كشركة تجارية من دون مستقبل مستقر ولا يرون لتعهدات المؤتمر أي مصلحة لأفغانستان. وقد عززت مشاركة زعيمين اثنين من دولة واحدة في هذا المؤتمر هذا الانطباع.
واعتبر الرئيس الأفغاني في كلمته الحالة الاقتصادية أزمة كبيرة، إلا أن البلد الذي فقد استقرارها بشكل أقوى منذ عقد من الزمان يكون أحوج إلى الأمن والاستقرار، ومع ذلك يبدو من خطوات الحكومة الجديدة بأن باب السلام يبقى مقفولا على الأفغان إلى أمد طويل. النهاية