مقدمة
نظرا للانتخابات السابقة، هناك قلق كبير حول تدخلات أجنبية، ويعتقد البعض حدوث تزوير كبير في هذه الانتخابات والذي يضع مشروعيتها تحت السؤال.
السؤال الذي يطرح نفسه في هذه المرحلة هو: كيف كانت شفافية الانتخابات التي أجريت في 5 من أبريل 2014م؟ أجاب الدكتور عبدالباقي أمين عن هذا السؤال وأسئلة جانبية أخرى طرحها عليه مركز الدراسات الإستراتيجية والإقليمية:
النزاهة
يمكننا القول عموما بأن النزاهة في هذه الانتخابات بالنسبة لسابقاتها كانت أكثر، وقد تكون أسبابها الحضور النشيط لممثلي المرشحين والمراقبين في كثير من مراكز التصويت من جانب، وتطبيق إستراتيجة جديدة من قبل “اللجنة المستقلة للانتخابات” من جانب آخر.
أما التقارير التي وردت من بعض المناطق عن إملاء الصناديق بأوراق الأصوات قبل بدء التصويت، فإن مثل هذه التقارير تؤثر على نزاهة الانتخابات. وعلى صعيد آخر إن الحرب دائرة في البلد وفي مثل هذه الحال تكون مشاركة الشعب فيها قليلة وإقبالهم على صناديق الاقتراع خطر على أرواحهم.
إن دعوى البعض حول إقبال شعبي كثيف على مراكز التصويت، في مناطق لا تحظى بالأمن غير صحيحة، وكثير من الصناديق قد ملئت بطريقة غير قانونية، لكن هذا الموضوع لم يحظ باهتمام الاعلام الأفغاني، لأنه وإن كانت في أفغانستان حرية التعبير, إلا أن الاعلام بشكل عام يخضع لراقبة حكومية وقد تم توجيهه قبيل الانتخابات بعدم بث الأحداث التي تؤثر سلبا على أذهان الناس. هذه الأحداث السلبية كانت تحتوي على وقوع التزوير إلى جانب مشاكل أمنية آخرى.
مشاركة الشعب
أما القول عن مشاركة شعبية كثيفة في هذه الانتخابات التي فاقت مثيلاتها السابقة، فهل هي كذلك؟ هل مشاركة الشعب هذه المرة كانت واسعة وكبيرة كما يروج لها؟
بناءً على إحصائيات الوزاة الداخلية فقط، أعلنت 13 من المحافظات غير مأمنة وكان من الصعب، إقبال الشعب على صناديق الاقتراع في تلك المحافظات، وإلى جانب ذلك يتحدث البعض عن وجود مراكز كثيرة في مناطق غير مأمنة في حال لم نر وجودا للانتخابات فيها، من طرفها لم تفصح “اللجنة المستقلة للانتخابات” أسماء المراكز المغلقة، وفي المناطق التي أعلن مسبقا عن عدم إمكانية إجراء الانتخابات فيها والتي يأت الآن الحديث عن فتح مراكز التصويت فيها، لم يكن واضحا هل ملئت صناديق الاقتراع فيها أم لا؟ وإذا ملئت فكيف؟ ولهذا السبب تكون نزاهتها موضع ريب وأصواتها باطلة.
وإذا ما اشتلمت هذه الأصوات الحسابات العامة فإن مشاركة 7 ملايين من الناخبين في الانتخابات غير صحيحة أيضا. من جانب آخر وعلى حسابات رسمية بلغ عدد المؤهلين للتصويت في أفغانستان 12 مليون شخص، وفي حال عدم تصويت سكان المناطق غير المأمنة وسكان مديريات المحافظات المأمنة، إن كانت “اللجنة المستقلة للانتخابات” قد أدرجتهم في قائمة من صوتوا فإن ذلك الإحصاء غير صحيح.
إذا کانت مشاركة الشعب في هذه الانتخابات واسعة، ربما قد ساهمت فيها أسباب عدة يمكن أن نشير إلى بعض منها: أولا هذه المرة كان تغيير الرئيس أمر حتمي وهذا جعل كثير من الناس يقبلون على مراكز التصويت لينتخبوا خلفا للرئيس الحالي. يكمن السبب الثاني في الحملات الانتخابية التي قام بها المرشحون و وعود كثيرة قطعوها على أنفسهم بخصوص التغيير. إن جعل العملية الانتخابية أفغانية سبب آخر للمشاركة الشعبية وهذا يظهر نوعا من الوعي السياسي على الصعيد الشعبي، إذ هم يريدون الإسهام في انتخاب رئيس لهم وفي التفكير الإيجابي نحو المستقبل. بشكل عام يمكن أن نعتبر هذه العملية خطوة إيجابية لتصبح عند الأفغان انتقال السلطة بالطريقة السلمية ثقافة راسخة.
الذهاب إلى الجولة الثانية
كثرة المرشحين وانقسام الأصوات جعلا من المحتمل أن تذهب الانتخابات إلى جولة ثانية. وإذا لم يحصل أي مرشح على أكثر من 50% من الأصوات تنتقل الانتخابات إلى جولة ثانية لا تخلو من نفس التحديات التي كانت في المرحلة الأولى، إضافة إلى مشكلة اقتصادية ستواجهها ميزانية الحكومة.
أضف إلى ذلك التخوف الموجود من خطر الدعاوى العنصرية والقومية والفوضى الاجتماعية، وللأسف كان لهذه العناصر اللسانية والقومية تأثير كبير في العملية الانتخابية، ولكنه مع هذا فإن تخوف من وقوع التنازع وانتشار الفوضى في البلد في المرحلة الثانية ليس تخوفا جادا.
التوقعات من الحكومة القادمة
على الحكومة القادمة أن تملأ الفراغ المفزع على صعيد محادثات السلام وإحلال الأمن الذي سترثته من الحكومة الحالية وأن تجمع شتات الأفغان حولها كي تجعل سدا للتدخل الأجنبي في البلد وتنتهي ضرورة بقاء الأجانب في أفغانستان. حل المشاكل الاقتصادية هو انتظار آخر حتى يقف الاقتصاد الأفغاني على قدميه ويجب الإهتمام بالمجال الصناعي كي يتوجه دخل البلد نحو كفاية ذاتية وإن خلق فرص العمل للشريحة الشبابية حيوي للغاية وذلك من أجل خنق امكانية الجرائم ومكافحة المخدرات والمشاكل الاجتماعية الآخرى.
المشكلة الثالثة هي أن الحكومة الأفغانية في الدورة الماضية وسدت الأمور إلى غير أهلها، وكان التوظيف يتم على حساب علاقات ذاتية، فعلى الحكومة القادمة أن تهتم بأهل التخصصات. تطبيق القانون توقع آخر وإلى الآن لا مجال لتطبيق القانون في المؤسسات الحكومية وقد وصل الفساد حضيضه، إلى درجة لو أراد شخص أن يتعامل بالشفافية في أية مؤسسة لا يمكنه البقاء فيها وعلى الحكومة القادمة مكافحة هذه المشاكل بجدية لازمة.
النهاية