مقدمة
بعد سقوط حكم طالبان في 2001م، وللمرة الثالثة أجريت الانتخابات الرئاسية الأفغانية في 5 من شهر أبريل/نيسان 2014م، وقد شارك فيها الأفغان لانتخاب رئيس ثان للبلد في مرحلة ما بعد طالبان.
من المقرر أن تعلن النتائج الابتدائية لفرز الأصوات في 24 من شهر أبريل والنتائج النهائية في 14 من مايو/أيار. يعتقد الكثيرون بأنه لا يمكن لأحد من المرشحين –يصل عددهم ثمانية أشخاص- أن يحصل على نسبة مئوية من الأصوات تفوق 50% وبأن الانتخابات ستذهب إلى جولتها الثانية.
إن عملية الانتخابات واجهت عدة مشاكل وبناءً على تقارير معتمدة، وصلت شكوى كثيرة إلى “لجنة شكاوى الانتخابات” ومن جانبها تحدثت المؤسسات الأمنية عن وقوع مئات الحملات المسلحة على مراكز التصويت يوم إجراء الانتخابات، حيث راحت ضحيتها عشرات من الجنود الأفغان بين قتيل وجريح. ولكن مع كل الصعوبات والمشاكل هذه المرة كان إقبال الشعب على صناديق الاقتراع بكثافة أكثر من المرات السابقة.
قام السيد وحيد مزده المحلل السياسي الأفغاني بتحليل هذا الموضوع، بناءً على أسئلة مركز الدراسات الإستراتيجية والإقليمية:
سبب مشاركة شعبية واسعة في الانتخابات
يقال إن مشاركة الشعب في الانتخابات الأخيرة كانت أوسع من المرات السابقة ولربما لها سببان اثنان هما:
أولا في المرتين السابقتين كان حامد كرزاي مرشحا للرئاسة وكان فوزه شبه مؤكد ولم يشارك فيها كثيرون اعتقادا منهم لعدم تأثير أصواتهم في نتيجة الانتخابات، ولذلك كانت نسبة المشاركة فيها ضئيلة. أما هذه المرة فلم يكن حامد كرزاي في قائمة المرشحين وهذا جعل الأفغان يفكرون في انتخاب رئيس آخر لهم وفي نفس الوقت ظهر تخوف لدى الشعب تجاه المستقبل. والسبب الثاني يكمن في ترويج مكثف قاموا به لصالح الانتخابات ولأهميتها لأفغانستان ولمستقبل الشعب الأفغاني كله، ونتيجة له شارك الشعب في هذه الانتخابات بكثافة كبيرة.
بعيد إجراء الانتخابات وقبل الاعلان الرسمي للنتائج من طرف “اللجنة المستقلة للانتخابات” اعتبر بعض المرشحين أنفسهم فائزين وهذا يعني أن هزيمة هؤلاء غير مقبولة لديهم وستنتج عنها موجة صراع بشكل من الأشكال. هذا أمر يدفع بقية المرشحين في الريب تجاه نزاهة الانتخابات وإمكانية حدوث التزوير فيها. لا شك أن هناك مرشحين حصلوا على أصوات كثيرة وتقدم واضح على غيرهم، ولكن أن يدعي البعض أن الانتخابات لن تذهب إلى الجولة الثانية وأن النتائج في الجولة الأولى ستكون حاسمة فهو أمر مثير للجدل، فمن الضروري أن يكون القرار في هذا الشأن قيد صلاحية “اللجنة المستقلة للانتخابات” ولا المرشحين.
الخوف من القومجية في الجولة الثانية
من جانب آخر كثرة المرشحين وانقسام أصوات الشعب جعلا من الصعب جدا حصول أي مرشح على (50+1) من الأصوات وهذا يدفع الانتخابات نحو جولة ثانية لا تخلو من مشاكل وتحديات.
إن التخوف الرئيسي من الجولة الثانية يكمن في إمكانية تحول الانتخابات إلى لعبة عنصرية وخوض غمارها على أسس قومية. بما أنه يكون من المتوقع تجنب هذه المشلكة إلا أنها لو حدثت فعلا فستحمل معها شرا كبيرا لمستقبل البلد.
الحكومة القادمة والتحدي الأكبر
إن التحدي الأكبر للحكومة الأفغانية القادمة هو قضية الأمن والسلام، ذلك لأن عملية محادثات السلام بائت بالفشل في الدورة الماضية. إن موقف الحكومة القادمة من القوات الأجنبية مصيري في قضية السلام. إذا لم تتمكن الحكومة القادمة من الوقوف في وجه هذه القوات قدر ما فعله حامد كرزاي، فإنها سرعان ما ستواجه مشاكل كثيرة، أما إذا أظهرت استقلالية من جانبها وتصدت للميول الأجنبية فمن الممكن أن تكون لديها فرصة نجاح كبير.
من جانب آخر وكما يقال، إن دولا أجنبية كثيرة تدخلت بطريقة غير مباشرة في العملية الانتخابية وكانت بين هذه الدول مناطحة شديدة، ومن المفروض تأييدهم لمرشحين مختلفين، في دفع تكلفة الحملات الانتخابية. لا شك أن هذه الدول كانت لها يد غير مباشرة في الانتخابات ولكن التزوير الذي حدث إنما حدث بشراكة أفغانية مباشرة وهناك تهم على “اللجنة المستقلة للانتخابات” نفسها.
فعلى “اللجنة” التوضيح بهذا الخصوص وتفكيك الرأي الصحيح من المزور كما وعدت، وهو مطلوب بالجد من “اللجنة” أن تقوم بهذا العمل وإلا ستنتهي نتائج الانتخابات إلى علامة استفهام كبيرة جدا.
النهاية