توقيع الاتفاقية الأمنية وأثرها على أفغانستان

تم توقيع الاتفاقية الأمنية الثنائية بين أمريكا وأفغانستان من قبل الحكومة المشتركة بزعامة د. أشرف غني أحمدزاي. مع أن الرئيس أشرف غني أكدّ للشعب وللدول الجارة بعد توقيع الاتفاقية بأن هذه الاتفاقية لا تشكل تهديدا ولا خطرا للأفغان، ولمنطقة والدول الجارة، إلا أن تأكيد الرئيس الأفغاني لم تلق إلا قلقا شعبيا، وذلك لتساؤلات آتية:

هل تم أخذ الشروط الرئيس الأفغاني الأسبق حامد كرزي بعين الاعتبار، وتم درجها في نص الاتفاقية قبل التوقيع؟ وهل قبل الجانب الأمريكي تلك الشروط؟

هل تم درج الشروط الـ31 لمجلس الأعيان الأفغاني (لويا جركا)، في نص الاتفاقية؟

وقد كان نص الاتفاقية الذي وُزّع على أعضاء مجلس الأعيان الاستشاري للمدارسة، نصا غير مقبول لأي أفغان، وبشكل عام حتى أولئك الأفغان الذين كانوا يؤيدون توقيع الاتفاقية كانت لهم شروط، ولكن في النص الموقع لم يتم درج هذه الشروط أيضا، وتم إحداث بعض التغييرات الإملائية في النص الفارسي والبشتو فقط.

وتكون هذه الاتفاقية على المستوى العالمي من تلك النوعية التي تتم بين بلد ضعيف وآخر قوي، وهي اتفاقية غير عادلة وتعتبر توافقا بين غالب ومغلوب.

وفرت هذه الاتفاقية في الحقيقة الأرضية لأمريكا والنيتو للبقاء الدائم في أفغانستان، وسيكون ذلك السبب الرئيسي لاستمرار الحرب، فيما يبقى شعار الحرب على الارهاب ذريعة هذه الحضور الأجنبي في أفغانستان. ومن المنظار التاريخي يتم درج هذه الاتفاقية في زمرة تلك المعاهدات التي لا تزال أفغانستان تدور في فلك أضرارها.

 

عوامل التوقيع الفوري للاتفاقية

إن إهمال شروط الرئيس الأفغاني الأسبق حامد كرزاي لتوقيع الاتفاقية، وإهمال شروط مجلس الأعيان الذي استدعاه حامد كرزاي لمناقشة نص الاتفاقية، أفقد أمل بعض الأفغان الذين كانوا يؤيدون توقيع الاتفاقية بشروط.

يرى كثير من المراقبين، أن أزمة الانتخابات الأفغانية مع حدوث التزوير فيها، كانت مؤامرة أمريكية مخططة، أرادت منها أمريكا أن تكون الحكومة الأفغانية الجديدة أقل مشروعية وأضعف قدرة. لأن أمريكا رأت أنه لو تتشكل في أفغانستان حكومة قوية قد تضر المصالح الأمريكية بفتح ملفات المحاسبة بدلا من توقيع الاتفاقية، ومثل هذه الحكومة لو توقع الاتفاقية أيضا، فإنها ستصر على أمريكا لتنفذ وعودها. ولكن وجود حكومة ضعيفة سيوفر لأمريكا الفرص المناسبة لأي عمل وستقضي الحكومة الأفغانية وقتها في تنازعات داخلية.

وكان من أهداف توقيع الاتفاقية بشكل فوري مع الحكومة الجديدة، هو أن لا يرفع الأفغان أصواتا مطالبة بإحداث التغيير في نص الاتفاقية، وأن لا تدخل شروط مجلس الأعيان مع شروط حامد كرزاي على خط المحادثات، لأن موقف حامد كرزاي المناهض من الاتفاقية جعل كثيرا من الأفغان يدركون النتائج السلبية للاتفاقية.

 

شروط مجلس الأعيان

لم يتم درج الشروط التي وضعها أعضاء مجلس الأعيان في نص الاتفاقية. لأنه وفي تلك الفترة وبعد تصريح مجلس الأعيان المشروط، عندما وضع حامد كرزاي شروطا لتوقيع الاتفاقية، روج بعض وسائل الإعلام الممولة من الأجانب أن مجلس الأعيان قد أيّد الاتفاقية، وعندها لم تجد شروط مجلس الأعيان طريقا إلى الإعلام، بل تم التغاضي عنها.

مع أن مجلس الأعيان لم يكن نيابة عامة عن جميع الشعب الأفغاني، إلا أن هذا المجلس وفي قراره الأخير وضع 31 شرطا لتوقيع الاتفاقية، وقد صرح كثير من أعضاء المجلس أن توقيع الاتفاقية مع إهمال شروط مجلس الأعيان سيكون مرفوضا من قبل الأفغان.

أولا أن قرار مجلس الأعيان تضمن بصراحة أن أعضائه اتفقوا مع شروط حامد كرزاي لتوقيع الاتفاقية وهي لُخصت في رفع خطوات جادة لإحلال السلام، وتحسين الوضع الأمني، وتوقيف عمليات القوات الأجنبية مع تفتيش بيوت الأفغان، وبناء الصداقة الأمريكية الأفغانية على النزاهة، إلى جانب مواد أخرى، تبقى مما أقرّه مجلس الأعيان. فيما يكون هدف الاتفاقية الأصلي إحلال السلام والاستقرار في أفغانستان، لم يرفع الأمريكان حتى الآن أي خطوات نحو ذلك.

وكانت الشروط والمواد المندرجة لإحداث التغيير في نص الاتفاقية الأمنية كالتالي:

  • التأكيد على قرار مجلس الأعيان، وتعهدات البلدين في الاتفاقية. التعهدات التي لم تنفذها أمريكا.
  • مساعدة دولية مع أفغانستان للوصول إلى كفاءات ذاتية.
  • التوقير الجاد لدين الإسلام، وثقافة الأفغان، والرسوم والأعراف.
  • تضمين عملية السلام، وإحلال الاستقرار في أفغانستان عبر محادثات بين الأفغانية. الأمر الذي لم ترفع أمريكا نحوها خطوة.
  • يجب إدراج فقرة في المادة 25 من قبل الطرفين تضمن إحلال الاستقرار في أفغانستان، عبر إجراءات ملموسة. لأن أمريكا لم تلزم نفسها بأي وعود في الاتفاقية.
  • إذا وفت أمريكا بوعودها، تتخذ الحكومة الأفغانية هذه الاتفاقية أساسا لتوسيع العلاقات بين الدولتين.
  • بالنظر إلى أهمية هذه الوثيقة يجب أن لا يكون أي فرق بين النسخ الإنجليزية والفارسية والبشتوية، كما يجب إصلاح الأغلاط في النسخة الفارسية والبشتوية. يجب الإفصاح بشأن مصطلحات الإرهاب، والإعتداء، والعقود، والقواعد وبيان حدودها، ويجب استخدام تعاريف حقوقية لتلك المفاهيم.
  • يجب ايجاد آلية لمحاكمة أولئك الجنود الأمريكيين الذين يرتكبون الجرائم في أفغانستان، بما يضمن وجود الأفغان أثناء المحاكمة، ويضع على الأمريكان عقوبات مالية.
  • مراعاةً لأصل الحياد، كل جندي يرتكب جريمة في أفغانستان، تتم محاكمته في أفغانستان ما أمكن ذلك، ولا تبني أمريكا بأي حال أي سجون في أفغانستان، ولا تدير السجون أيضا.
  • إن العمليات العسكرية وتفتيش البيوت مرفوضة تماما، وينبغي إلحاق رسالة أوباما إلى حامد كزاري التي أكدّ فيها عدم إجراء عمليات في بيوت الأفغان مع نص الاتفاقية.
  • على القوات الأمريكية أن تعقد عقودها مع الشركات الأفغانية من أجل إنماء الاقتصاد الأفغاني.
  • ينبغي الاهتمام الكامل بتدريب القوات الأفغانية، وخصوصا القوة الجوية الأفغانية، كما ينبغي ايجاد آليات تضمن تسليح الأفغان بأسلحة حديثة. وهي وعود تم ذكرها في الاتفاقية بصيغة غير الزامية.
  • إن إعطاء تأسيسات جديدة، أو الموافقة على تغيير المناطق أو التأسيسات الموجودة ينبغي أن تكون من صلاحية الرئيس الأفغاني فقط، وينبغي أن تكون التأسيسات التي تبنيها القوات الأمريكية عالية الجودة، وعلى تلك القوات التجنب من بناء عمارات مؤقتة.
  • ويكون حضور القوات الأمريكية في التأسيسات المشتركة من أجل تدريب القوات الأفغانية ومساعدتها الفنية.
  • ينبغي أن يتم التصريح في الاتفاقية الأمنية أن القوات الأمريكية، لا تستطيع استغلال الجو المجازي، والانترنيت، وشركات التواصل، وأمواج المخابرات من أجل مقاصد استخباراتية، أو أي أنشطة تضر مصالح الأفغان.
  • ينبغي أن تكون خارجية أفغانستان مبنية على أساس حسن الجوار، ولا تستطيع الاتفاقية الأمنية أن تتجاوز هذه السياسة بأي حال، ولا تستطيع القوات الأمريكية أن تستخدم الأراضي الأفغانية بأهداف عسكرية ضد أي دولة أخرى.
  • جاء في الفقرة الأولى من مادة 26 من الاتفاقية أن: “… يكون هذا العقد ساري التنفيذ إلى نهاية عام 2024م، وبعد ذلك…”، ولكن وفق قرار مجلس الأعيان في الفقرة الرابعة، اشترط أعضاء المجلس، أن هذه الاتفاقية تكون معتبرة لمدة عشر سنوات، ولا يدوم أكثر من ذلك، وأنه يتم توقيعها بين بلدين مستقلين على أساس حقوق متساوية.
  • يجب تدوين كيفية استغلال أمريكا الحريم الجوي الأفغاني، بطريقة فورية وبشكل يراعي سيادة أفغانستان الوطنية على الحريم الجوي والأرضي.
  • يجب تدوين كيفية مرور القوات الأمريكية من النقاط الحدودية، مع كيفية دخول تلك القوات مع عملائها المدنيين وخروجهم.
  • يجب تدوين وتنفيذ كيفية إرسال الفلوس، واستخدامها وتبادلها.
  • ينبغي على القسم المدني، والأشخاص الحقيقيين والحكميين الذين لا يتبعون القوات الأمريكية العسكرية، بل يعملون في المجال التجاري لتلك القوات، أن يدفعوا الضرائب وفق قانون أفغانستان.
  • إذا أضرت أنشطة القوات الأمريكية العسكرية أو غير العسكرية، الأفغان أم الذين يسكنون تحت رعاية الحكومة الأفغانية، أو أضرت أثاثهم المنقول أو غير المنقول، أو حقولهم، أو أضرت حقوقهم المعنوية يكون على القوات الأمريكية دفع تعويضها بطريقة عادلة.
  • ينبغي ترتيب فهرس من الإجراءات السياسية والدبلوماسية والعسكرية والاقتصادية لحالة تتعرض فيها أفغانستان للاعتداء الأجنبي أو للتهديد بالاعتداء.
  • يؤكد أعضاء مجلس الأعيان على محافظة البيئة، وعدم استخدام الأسلحة الكيميائية والبكترية، ويطلبون من الحكومة الأفغانية، أن تمنع منعا باتا وضع الأسلحة الذرية واستخدامها في أفغانستان.
  • بالنظر إلى أهمية المناجم في أفغانستان، يقترح أعضاء مجلس الأعيان إضافة في الفقرة السابعة من المادة السابعة بشكل يضمن الحفاظ على الآثار، والأحجار الكريمة، والمنابع الأرضية، والمناجم.
  • فيما لم تنفذ الولايات المتحدة وعودها، على الجانب الأفغاني أن يلغي الالتزامات المقترحة لأمركيا كأول خطوة، وأن تبحث طرقا بديلة مناسبة مع تحليل الأوضاع.
  • ينبغي أن تكون الحكومة المركزية، أو إدارة الأمن الوطني، أو وزارة الخارجية الأفغانية هي “المندوب الإجرائي” من قبل أفغانستان لتنفيذ الاتفاقية.
  • يطلب أعضاء مجلس الأعيان من الحكومة الأفغانية أن تتسلم السجناء الـ19 الأفغان من سجن غوانتانامو. النهاية
توقيع الاتفاقية الأمنية وأثرها على أفغانستان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تمرير للأعلى