اللاجئون الأفغان في باكستان.. وضع مأساوي

 

فيما يواجه اللاجئون الأفغان في الآونة الأخيرة كثيرا من المشاكل في باكستان، لم ترفع الحكومة الأفغانية حتى الآن أي خطوة تجاه الأمر. مع أن الحكومة الأفغانية ترى إلى إيواء اللاجئين كأولوية ملحة، ولكن وكما صرّح عالمي بلخي وزير أمور اللاجئين، إن الحكومة الأفغانية ليست مستعدة بعد لاستقبال اللاجئين.

أصبح ملف اللاجئين الأفغاني في باكستان موضع جدل بسبب أمرين:

  • بنهاية عام 2015م، تنتهي مهلة البطاقات التي وزّعتها الحكومة الباكستانية على اللاجئين.
  • العامل الثاني هو حادث بيشاور الدموي.

أصبح ملف اللاجئين الأفغان في باكستان، بعد حادث بيشاور والهجوم الذي حدث على مدرسة تابعة للجيش وقُتل فيها الكثير، موضع جدل حاد. فبعد هذا الحدث غيّرت الحكومة الباكستانية شيئا من موقفها تجاه الحركات الدينية الأصولية، وشرح رئيس وزراء البلد نواز شريف خطته لمواجهة التحدي في 21 نقطة كانت إحداها مغادرة اللاجئين الأفغان إلى بلدهم.

 

حكاية اللجوء إلى باكستان

جرّاء حرب دامت لبضعة عقود في أفغانستان، توجه أهل البلد نحو الدول الأخرى، وبدأت أولى موجات اللجوء تجاه باكستان عام 1973م، ويمكن تصنيف مراحل اللجوء كالآتي:

الأولى: بدأت أولى مراحل اللجوء إلى باكستان عام 1976م، وعلى إثر العمليات على الحركة الإسلامية، وبلغ عدد اللاجئين حينها 300 لاجيء.

الثانية: بعد الانقلاب الشيوعي في أفغانستان، تصاعدت وتيرة اللجوء نحو باكستان، وفي عام 1978م، بلغ عدد اللاجئين الأفغان في باكستان 80000 لاجيء، وفي عام 1979 بلغ هذا العدد 400000 لاجيء[1].

الثالثة: أثناء الغزو السوفيتي على أفغانستان، (1979م-1989م) بلغ هذا العدد ثلاثة ملايين.

الرابعة: مع أن الانسحاب السوفيتي من أفغانستان تبعه رجوع كثير من اللاجئين إلى بلدهم مرة أخرى، إلا أن الحروب الأهلية أجبرت كثيرا منهم إلى اللجوء.

الخامسة: بعد أحداث 11 سبتمبر 2001م، وعلى إثر عمليات القوات الأجنبية في أفغانستان، اضطر بعض الأفغان أن يغادروا أفغانستان إلى باكستان. ولكن عندما وُضع أساس حكم مؤقت في أفغانستان بناءً على مفاد مؤتمر بن، رجع ما يقارب 3.2 مليون لاجيء إلى أفغانستان من باكستان وإيران[2].

في عام 2007م، قامت الحكومة الباكستانية بمساعدة من “المفوضية السامية للأمم المتحدة في شؤون اللاجئين”، بتسجيل اللاجئين الأفغان في باكستان، تم فيه تسجيل 1.7 لاجيء ووزعت لهم بطاقات خاصة، تم تجديدها في 2010م، وفي 2012م، وفي 2014م، وتنتهى مهلة الأخيرة بنهاية 2015م. وهناك من يقول في باكستان بأن فرصة تجديد البطاقات قد انتهت وأن اللاجئين الأفغان ينبغي أن يعودوا إلى بلدهم.

 

عوامل اللجوء

يكون خلف اللجوء والنزوح إلى مكان آخر عاملان أساسيان:

  • الحروب والأوضاع الحرجة،
  • والحوادث الطبيعية.

لو ننظر إلى التاريخ المعاصر، ندركت أن المناطق المضطربة وخاصة تلك المتعلقة بالعالم الإسلامي، كان بها أكبر جزء من اللجوء.

ويكون من أسباب اللجوء عوامل داخلية وأخرى خارجية، كثيرا ما تخص أفغانستان هي العوامل الداخلية. ومن العوامل الداخلية التي أجبرت الأفغان على ترك بلدهم نذكر الآتي:

  • الانقلاب الشيوعي
  • الاحتلال السوفيتي خلال عقد من الزمن
  • الاضطرابات السياسية والحرب الأهلية

ولكن الذي يمنع الآن اللاجئين من العودة يكمن في التالي:

  • الأوضاع الأمنية المضطربة في أفغانستان،
  • توفير التعليم في الدول الأخرى،
  • كثرة تسهيلات الحياة في الدول الأخرى،
  • تواجد التجارة في بلدان أخرى،
  • عدم وجود دور لكثير من اللاجئين في أفغانسان،
  • غلو الأسعار والبطالة في أفغانستان،
  • وجود قوات أجنبية والتي تهدد حياة الكثيرين منهم.

عدد اللاجئين الأفغان في باكستان

يسكن كثير من اللاجئين الأفغان في باكستان، في إقليم خيبربختونخواه، يصل عددهم المليون. بعده يأتي إقليم بلوشستان، وبنجاب، وسند، ثم إسلام آباد، وكشمير الحرة. شرح ذلك في الجدول الآتي:

 

 

خارج المخيمات في المخيمات أعضاء الأسرة أسرة إقليم
539358 546827 1086185 عضوا 180516 أسرة خيبربختونخواه
267841 89384 367225 عضوا 52716 أسرة بلوشستان
74424 74424 عضوا 13369 أسرة سند
176805 15215 192020 عضوا 31496 أسرة بنجاب
35563 35563 عضوا 6754 أسرة إسلام آباد
7116 7116 عضوا 1224 أسرة كشمير الحرة
1101107 651426 1752533 عضوا 286075 أسرة مجموع

وترجع أصول اللاجئين كثيرا إلى المحافظات التي ضربتها حدة الحرب أكثر من غيرها، كمحافظات: ننكرها، وكونر، ولوكر، وبكتيا، ولغمان، وكندهار، وهلمند. شرح ذلك في الجدول الآتي:

ننكرها کندز کابل لوكر بغلان پکتيا لغمان کونر کندهار هلمند
311606 199842 193433 141921 123298 122763 101402 97809 85187 49766
مجموع 1427027 لاجيئا

راجع، موقع “المفوضية السامية للأمم المتحدة في شؤون اللاجئين، في باكستان” [3]

 

رجوع اللاجئين في 2015م، والوضع هنا

مع أن الحكومة الباكستانية أعلنت بأنها لا تطرد المسجلين لديها إلى نهاية عام 2015م[4]، ولكن الشرطة الباكستانية تؤذي اللاجئين، ويتم بطريقة غير مباشرة إجبارهم على مغادرة باكستان، وفي الشتاء البارد[5]. وبهذا السبب رجع عدد كبير من اللاجئين المسجلين منذ بداية العالم.

ولكن الأرقام الدقيقة حول عدد اللاجئين الذين عادوا إلى بلدهم منذ بداية عام 2015م، تبقى غير معلومة، ولم تقم أي مؤسسة معنية بإجراء إحصاء حول ذلك، إلا أن إحصاءا أجري بشأن من عادوا من اللاجئين غير المسجلين.

لاجئون غير مسجلين

بناءً على إحصاء جديد لـ”منظمة اللجوء الدولية”، لقد رجع منذ يناينر 2015م، إلى 14 من فبراير ما يقارب 35889 لاجئيا إلى أفغانستان من باكستان. وقد سكن جزء كبير منهم (36%منهم)، في ننكرهار، وخاصة في مدينة جلال آباد، وذهب الآخرون منهم إلى كونر، ولغمان وكابل. ويفوق هذا العدد جميع أرقام عام 2014م. ففي عام 2014م، عاد إلى أفغانستان ما يقارب 21692 لاجئيا، فيما تم طرد 3754 لاجئيا من قبل السلطات الباكستانية، ولكن الآن وخلال شهرين فقط طُرد  2204 لاجئون من باكستان، وخرج 32 آلاف آخرون برغبة منهم.

ويعيش نصف هؤلاء في دور الأجرة، ويساورهم القلق بشأن تعليم الأولاد، ومن جهة أخرى يحسون بقلق تجاه كيفية بدء أعمالهم المعيشية هنا[6]. هذا وقد تزامنت عودتهم مرحلة من تاريخ أفغانستان يعيش 36% من الأفغان في عالم البطالة.

عودة اللاجئين غير المسجلين عبر معبر طورخم:

التاريخ رغبة منهم طردا مجموع
عام 2015-يناير ۲۲۳۰۹ ۱۴۷۲ ۲۳۷۸۱
فبراير (۱-۷) ۶۴۷۳ ۳۴۵ ۶۸۱۸
فبراير (۸-۱۴) ۴۹۰۳ ۳۸۷ ۵۲۹۰
مجموع ۳۳۶۸۵ ۲۲۰۴ ۳۵۸۸۹

المعدل اليومي لعودة (اللاجئين غير المسجلين)، 2014م، و2015م:

نوعية الرجوع ۲۰۱۴ ۲۰۱۵ مقارنة العامين
رغبة ۵۹/يوما ۷۴۹/يوميا ۱۳ ضعفا
طردا ۱۰/يوميا ۴۹/يوميا ۵ أضعاف

 

موقف الحكومة الأفغانية بشأن عودة اللاجئين

يشكل اللاجئون الأفغان جزءا كبيرا من الشعب الأفغاني، ومن دونهم لا يبقى تركيب الشعب ناقصا فحسب، بل إن فيهم كثير من أصحاب الدراسات والتجارب، وسوف تلعب عودتهم دورا مهما في رقي البلد، ولكن أفغانستان حاليا ليست في وضع اقتصادي يسمح لها بأن تستقبل من إيران وباكستان عددا كبيرا من اللاجئين. وفي هذا الصعيد قال الرئيس الأفغاني لمجلس الشيوخ، إن اللاجئين الأفغان يشكلون جزءا من الشعب الأفغاني، وأن عدم عودتهم ضرر لمصلحة الشعب[7].

وقال عبدالله عبدالله الرئيس التنفيذي في الحكومة الأفغانية الائتلافية لوسائل الإعلام، بأن قرار سريعا سوف يُتخذ بشأن اللاجئين الأفغان في باكستان، وأن وفدا يُرسل إلى باكستان لمناقشة أحوالهم[8].

وبدوره اعتبر عالمي بلخي وزير أمور اللاجئين، في لقاء له، عودة اللاجئين أولوية للحكومة، وأضاف: “تتمنى الحكومة الأفغانية أن توقف الحكومة الباكستانية طرد اللاجئين، وأن تتم عودتهم بطريقة تدريجية، تسمح للحكومة الأفغانية بأن توفر لهم فرصا وأماكن مناسبة للعودة”.

وفي عبارات قليلة يمكن لنا القول، بأن الحكومة الأفغانية تريد لعودة اللاجئين أن تحدث في مراحل آتية:

  • أن توقف باكستان طرد اللاجئين،
  • أن تتم العودة تدريجية،
  • أن تتم العودة في ظروف تستطيع الحكومة الأفغانية أن تستقبلهم وتوفر لهم أماكن العيش.

وهكذا يتمنى الجانب الأفغاني، أن يتم تجديد بطاقات اللجوء إلى مهلة أخرى، لأن الحكومة الأفغانية لا تزال تحتاج وقتا ولا يمكنها فورا أن تستعد لاستقبال هذا العدد الكبير من اللاجئين[9].

النهاية

[1] UNHCRA, A/AC.96/577-14 August 1980, 31st Session Executive Committee, Report on UNHCR Assistance Activities in 1979-1980 and Proposed Voluntary Funds Programmes and Budget for 1981, par. 602, p. 175.

[2] UNHCR, Afghan Refugee Statistics, February 2005

[3]http://unhcrpk.org/wp-content/uploads/2012/04/Afghan-Population-by-Province-of-Origin-in-Afghanistan.pdf

[4] DailyTimes, Afghan refugees can legally stay in Pakistan Until end of 2015, see it online:

<http://www.dailytimes.com.pk/national/24-Dec-2014/afghan-refugees-can-legally-stay-in-pakistan-until-end-of-2015>

[5]  . يتم إيذاء اللاجئين الأفغان في باكستان رغم وجود وثائق قانونية معهم، تفاصيل ذلك في التقرير التالي لإذاعة الحرة:

http://pa.azadiradio.org/content/article/26817250.html

التقرير الثاني:

http://pa.azadiradio.org/content/article/26802988.html

[6] International Organisations of Migration, Return of undocumented Afghans from Pakistan (Update as of 16 February 2015) See it online:

http://afghanistan.iom.int/wp-content/uploads/2015/02/Return-of-Undocumented-Afghans-from-Pakistan-16-Feb-2015.pdf

[7] http://morr.gov.af/fa/news/41816

[8] http://www.khaama.com/persian/archives/22956 and Muhammad Hasan Khetab, Abdullah Concerned about refugees in Pakistan, pajhwok news, feb 16, 2015. See it online:

<http://www.pajhwok.com/en/2015/02/16/abdullah-concerned-about-refugees-pakistan>

[9] د افغانستان د کډوالو وزارت سکرتریت کې، د وزیر له سکرتر سره مرکه.

 

 

 

 

اللاجئون الأفغان في باكستان.. وضع مأساوي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تمرير للأعلى