تم الاحتفال باليوم العالمي للمهاجرين كالعادة في 20 يونيو 2016. إلا أن هذا اليوم في هذا العام لم يشهد فقط أسوأ أحوال حياة المهاجرين، بل شهد أيضاً تزايدَ عدد المهاجرين أكثر من أي وقتٍ مضى.
من جانبٍ آخر فإن قضية المهاجرين الأفغان يتم معالجتها سياساً في باكستان، وباكستان مرةً أخرى تستغل شأن المهاجرين الأفغان كوسيلة سياسية ضد الحكومة الأفغانية.
في هذا العدد ستقرأ عن عدد المهاجرين في العالم وحالتهم، وتأثير التغييرات الأخيرة في الموقف السياسي الباكستاني على قضية المهاجرين الأفغان.
حالة المهاجرين حول العالم
ازداد عدد المهاجرين في كل أنحاء العالم ووصل إلى 65 مليون. حسب المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن عدد اللاجئين ازداد في 2016 مقارنةً بعام 2014 بنسبة 10%. في 2014 كان عدد اللاجئين الذين نزحوا اضطراراً في أنحاء العالم يبلغ 59.5 مليون، إلا أن هذا العدد بلغ حالياً 65.3 مليون، مما يعني أن 33972 لاجئ ألجئوا إلى ترك مواطنهم بشكلٍ يومي.
من جانبٍ آخر حسب إحصائيات المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فإن عدد المهاجرين المقيمين في بلاد غير بلادهم يبلغ 21.3 مليون، 39% منهم يقيمون في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، 29% في أفريقيا، 14% في آسيا وقرب المحط الهادئ، 12% في شمال وجنوب أمريكا، و 6% في أوروبا. 54% من هؤلاء المهاجرين سوريّون (4.9 مليون)، يتبعهم في العدد 2.7 مليون أفغاني ثم 1.1 مليون صومالي.
الدول الإسلامية تتصدر قائمة الدول المستضيفة: حيث تركيا ( بـ 2.5 مليون مهاجر في أرضها )، وباكستان (1.6 مليون)، ولبنان (1.1 مليون)، وإيران (979400)، وأثيوبيا ( 736100) والأردن (664100) هي الدول التي يقيم فيها أكبر عدد من المهاجرين.
هذا العدد الكبير من المهاجرين يمر بأسوأ حالات الحياة، وقد رُفض عدد 10 مليون طالب لجوء وحرموا من أهم حقوقهم كالتعليم والعناية الصحية والعمل وحرية الحركة.
المهاجرون الأفغان في العالم
قضية المهاجرين إحدى القضاية البارزة لدى حكومة الوحدة الوطنية. من جانبٍ فإن ازدياد الاضطراب الأمني بأفغانستان ألجأ كثيرين من الشعب الأفغاني إلى الذهاب إلى أوروبا والعيش بأصعبٍ حالٍ هناك، ومن جانبٍ آخر فإن أكثر من 3 مليون من المهاجرين الأفغان في الدول المجاورة يواجهون صعوباتٍ عديدة مما وضع الحكومة الأفغانية في حالةٍ من الضغط المتزايد. رجوع المهاجرين وإعادة تأهيلهم بالداخل مشكلةٌ أخرى تواجهها الحكومة. في الوقت ذاته ازداد عدد النازحين داخل أفغانستان بشكلٍ كبير.
وضع المهاجرين الأفغان في الدول المجاورة: في مؤتمرٍ صحفي بمناسبة اليوم العالمي للمهاجرين، صرح الوزير الأفغاني لشؤون اللاجئين وعودتهم سيد حسين عالمي بلخي بأن هناك نحو 7.23 مليون مهاجر أفغاني في العالم، معظهم مقيمون في باكستان وإيران.
بطاقات إثبات هوية المهاجرين الأفغان بباكستان ستصبح غير سارية المفعول في هذا الشهر، ولم تتخذ الخطوات لتمديد مدة صلاحية هذه البطاقات. رغم أن باكستان وعدت بتمديد مدة بطاقات المهاجرين لسنتين وتسجيل المهاجرين غير المسجلين بنهاية شهر يناير 2016، إلا أن باكستان لم تعمل شيئا في هذا الصدد حتى الآن.
من ناحيةٍ أخرى في إيران، رغم أن بطاقات المهاجرين الأفغان لـ 849000 شخص وإقامات 560000 مهاجر أفغاني تم تمديدها عام 2015، وأن عدد المهاجرين المسجلين الأفغان الذين تم إرجاعهم قسراً قلَّ مقارنةً بالعامين الماضيين، إلا أن إرسال المهاجرين الأفغان إلى سوريا للحرب والإرجاع القسري للمهاجرين غير المسجلين كان من ضمن المشاكل التي واجهتها الحكومة في ملف قضية المهاجرين.
طالبي اللجوء بأوروبا: خلال عام 2015 طالب نحو 250000 أفغاني باللجوء في أوروبا، إلا أن هذا العدد في الأشهر الست الأولى من 2016 نزل إلى 39439 شخص. مع أن الوزير الأفغاني لشؤون المهاجرين وعودتهم صرح بأن نقص هذا العدد في أوروبا يرجع أساساً إلى التطورات في مشاريع البنية التحتية بأفغانستان واستمرار بقاء قوات الناتو والقوات الأمريكية في البلد وتحسن الوضع الأمني، إلا أن التعامل العنصري في دول أوروبا مقابل المهاجرين الأفغان والموقف الصارم من قِبل الاتحاد الأوروبي تجاه المهاجرين هو السبب الرئيس وراء تناقص عدد المهاجرين بأوروبا، وهي الأسباب ذاتها التي أدت إلى رجوع 3557 مهاجر أفغاني برغبتهم إلى بلدهم منذ بداية 2016.
النازحين بأعداد كبيرة داخل أفغانستان: في تقريرها الأخير صرحت نشرية الحصانة الدولية أن عدد النازحين الداخليين بأفغانستان تضاعف ثلاثة أضعاف مقارنةً بـ 2013. التقرير أظهر أن عدد النازحين الداخليين في 2013 بلغ 500000 شخص، ونزل هذا العدد عام 2016 نظراً لتردي الوضع الأمني إلى 1.2 مليون نازح.
المهاجرون الأفغان ضحية سياسات كابل- إسلامأباد
خلال العقود الماضية كان تعامل باكستان مع ملف المهاجرين الأفغان متأثراً بعلاقات كابل-إسلام أباد السياسية، إلا أنه مؤخراً أثّر حدثانِ بشكلٍ بالغ على قضية المهاجرين الأفغان بباكستان.
في ديسمبر 2014، حصل هجوم على مدرسة تابعة للجيش في مدينة بشاور، ورداً على ذلك قامت باكستان بإخراج 58460 مهاجراً أفغانياً قانونياً من البلد. من جانبٍ آخر تم إجبار نحو 119279 مهاجراً أفغانياً غير مسجل على الرجوع إلى أفغانستان نظراً لتغير سياسات الحكومة الباكستانية؛ معظمهم (97124 شخص) رجعوا عبر نقطة طورخم الحدودية والمتبقي منهم (22155) رجعوا عبر سبين بولدك.
100042 مهاجراً من هؤلاء المهاجرين غير المسجلين رجعوا برغبتهم، إلا أن 19237 شخص تم إجبارهم على العودة لأوطانهم.
إضافة إلى ذلك حصلت اشتباكات مؤخراً بين القوات الحدودية الأفغانية والباكستانية عندما كان الجانب الباكستاني يبني بوابات في نقطة طورخم الحدودية. رداً على هذا الحدث، قامت الشرطة الباكستانية بعمليات في خيبر بشتونخواه مما أدى إلى إرجاع 254 مهاجراً أفغانياً بشكلٍ قسري إلى أفغانستان. علاوةً على ذلك اعتقلت الشرطة الباكستانية 1200 مهاجراً أفغانياً في الأسبوعين الماضيين (يونيو 2016)
يُضاف إلى ما ذكر أنه نتيجةً لتدهور العلاقات الثنائية بين الدولتين فإنه لم يتم تمديد بطاقات المهاجرين الأفغان ولم تقم الحكومة الباكستانية بتسجيل المهاجرين غير القانونيين كما وعد بذلك المسؤولون بالحكومة الباكستانية.
من جانبٍ آخر، فإن الخطاب الساخن من الجانب الحكومي الباكستاني حيال المهاجرين الأفغان بعد حوادث طورخم يتزامن مع وقتٍ طلبت فيه الحكومة الأفغانية من باكستان السماح للمهاجرين الأفغان بالبقاء حتى 2020. وقد صرح المساعد الخاص لرئيس الوزراء الباكستاني للشؤون الخارجية طارق فاطمي للصحافة بأن باكستان لن تستضيف المهاجرين الأفغان. في السياق ذاته قال الرئيس الباكستاني ممنون حسين: إن على المهاجرين الأفغان أن يرجعوا إلى بلدهم في أسرع وقتٍ ممكن.
سياسات الحكومة الأفغانية حيال المهاجرين
تضمنت سياسة الحكومة الأفغانية حيال المهاجرين في 15 سنة مضت إصدار قرارات حول المهاجرين الأفغان، وإنشاء مدن، وتوزيع قطع أراضي، ووضع سياسات تتعلق بالمهاجرين والزيارات المتقطعة من المسؤولين الأفغان للدول المجاورة والدول الأوروبية لحل قضية المهاجرين الأفغان.
مازالت حكومة أفغانستان تفتقد إلى سياسة واضحة وشاملة تجاه قضية المهاجرين الأفغان، وكل ما فعلته الحكومة حتى الآن لحل قضايا المهاجرين الأفغان بالدول المجاورة لم يتجاوز أمر تمديد بقاء المهاجرين بهذه الدول.
مع أن الحكومة الأفغانية أنشأت 62 مدينة سكنية للمهاجرين الأفغان، إلا أنه لم يتم إنشاء أيٍ من هذه المدن، ومشروع بناء هذه المدن واجهَ فشلاً ذريعاً. حسب إحصائيات الحكومة فإن من جملة أسباب إخفاق هذا المشروع هو أنه تم توزيع 50000 قطعة أرض للمهاجرين الأفغان، مما يعد غير كافٍ نظراً للعدد الكبير من المهاجرين الأفغان.
أضف إلى ذلك أن هذه السياسات المحدودة من جانب الحكومة الأفغانية لم تأخذ منحاها ولم تُطبق.
انتهى