صادقت شورى الأمن الوطني في جلسة برئاسة أشرف غني الرئيس الأفغانية مبدئيا على استراتيجية لمحاربة داعش، وأصدرت فرامين إلى المؤسسات الأمنية بالقضاء على هذا التنظيم في أفغانستان بشكل كامل[1].
مع أنه يبدو أن هذا التنظيم فقد كثيرا من نشاطه في أفغانستان، لكن بالنظر إلى القرار الأخير تظهر الحكومة عزما كبيرا في محاربة داعش.
سؤال يطرح نفسه. كيف ظهر داعش في أفغانستان؟ ما هي أوضاع التنظيم الراهنة؟ وإلى ماذا يتوجه؟
من العالم العربي إلى خراسان
بعد مقتل أبي مصعب الزرقاوي زعيم القاعدة في العراق، تم اختيار أبي عمر البغدادي خلفا له، ولكن إثر خلافات حدثت بين البغدادي وتنظيم القاعدة، انفصل البغدادي عنه القاعدة واختار طريقا آخر.
في عام 2010م، وبعد مقتل أبي عمر البغدادي، تم اختيار أبي بكر البغدادي خلفا له. في عام 2013م، ظهرت خلافات أقوى بين البغدادي وجبهة النصرة في سوريا، لكن إعلان الخلافة من قبل البغدادي كان آخر مرحلة من الفراق بين هذا التنظيم وتنظيم القاعدة.
وبإعلان “الخلافة” من قبل تنظيم الدولة الإسلامية، أو داعش في سوريا في والعراق، رحب بذلك عدد في المناطق القبائلية بين أفغانستان وباكستان، وبايع بعض منهم أبي بكر البغدادي خليفة للمسلمين. وكان من أبرز من بايعوا عبدالرحيم مسلم دوت و شاهد الله شاهد متحدث سابق باسم حركة طالبان الباكستانية.
كانت لتقارير أنشطة داعش في بين أفغانستان وباكستان صبغة دعائية فقط، وقد أقلقت دول المنطقة وخاصة آسيا الوسطى، وصرحت هذه الدول بالقلق تجاه أنشطة داعش في أفغانستان.
مع أن داعش وقتها كان في أول مراحل ظهوره في أفغانستان، وكان الحديث عن تواجده مسبقا لآوانه، لكن وبعد مرور الأيام وفي بدايات عام 2015م، أيدت الحكومة الأفغانية تواجد مقاتلين للتنظيم في أفغانستان، واختار التنظيم في يناير 2015م، حافظ سعيد خان والي خراسان[2]، وعبدالرؤف خادم[3] نائبا له.
بعد الإعلان الرسمي لولاية خراسان، التحق بعض الأفغان والباكستانيين إلى هذا التنظيم، لكن عدد الملتحقين به من الأفغان والباكستانيين غير معلوم حتى الآن. ويجمع فرع خراسان لداعش الأفغان مع الباكستانيين. ومن هناك كان لهم أنشطة إرهابية في 2015م، و2016م.
أثبت تواجد داعش في أفغانستان أنه دموي، وعلى أساس معلومات وزارة الدفاع الأفغانية أن داعش وفي ستة أشهر من 2015م، قتل ما يقارب 600 مدني في أفغانستان[4].
وجه لوجه مع طالبان
أقلق ظهور داعش في أفغانستان، وخاصة اختيار عبدالرؤف خادم والي خراسان، أقلق حركة طالبان، لأن عبدالرؤف خادم كان نائبا سابقا في اللجنة العسكرية لطالبان، وتم عزله في 2014م، مع الملا عبدالقيوم ذاكر من المسؤولية في حركة طالبان.
بداية حذرت طالبان من المواجهة مع داعش، وحاولت أن لا تقع في مواجهة دامية مع داعش، لكن بعد أن نفذ مقاتلو داعش عمليات عسكرية ضد طالبان في مناطق من ننكرهار، وقتلوا عناصر طالبان، حاولت طالبان مرة أخرى التجنب وأرسل رسالة إلى زعيم داعش طلبوا منه أن تكون أنشطة داعش في أفغانستان بإشراف من طالبان. لكن رد داعش كان شديدا وسلبيا، وبذلك انطلقت حرب دامية بين الطرفين استمرت إلى الآن[5].
إضافة إلى ذلك، أثار تواجد مقاتلون من آسيا الوسطى في صفوف داعش في أفغانستان قلق روسيا، وانتشرت شائعات حول تأييد روسيا لطالبان ضد داعش. لكن طالبان أصدرت بيانا نفت فيه أي علاقة مع روسيا ومساعدات من الجانب الروسي إلى طالبان ضد داعش.
الحكومة الأفغانية ومحاربة داعش
بعد ظهور داعش في المناطق الشرقية ومقتل عدد من أفراد طالبان على أيدي مقاتلي داعش، كانت بعض التحاليل تشير إلى أن الحكومة لا تحارب مع داعش بطريقة جادة نظرا لتصدي داعش أمام طالبان. واعتبر بعض أعضاء البرلمان الأفغاني أن داعش مشروع أجنبي.
اتهم عبدالقدير ظاهر نائب أول في مجلس النواب، وعدد آخر من أعضاء المجلس، القوات الأجنبية، وحلقات في الحكومة وخاصة شورى الأمن الوطني بتأييد داعش. ادعى حضرت علي نائب في المجلس أن مروحيات عسكرية للقوات الأجنبية أنزلت مقاتلين لداعش في ولاية ننكرها. وقال سكان مديرية بهسود في نفس الولاية أن مروحيات عسكرية أنزلت مقاتلين منقبين لداعش. مع أن الحكومة أعلنت أنها سوف تحقق في الأمر، لكن وإلى الآن لا توجد أي نتيجة لهذه التحقيقات. وإلى جانب ذلك هناك اتهامات أخرى كثيرة لا توجد لها أي شواهد، وبشكل عام تتم الإشارة إلى مقاتلين من وزيرستان فروا من إلى الأراضي الأفغانية بعد أن نفذت القوات الباكستانية العمليات العسكرية المسماة بـضرب عضب.
تم تحليل ذلك على أن روسيا تكون قد شككت في محاربة الحكومة الأفغانية مع داعش ولذلك ومن أجل تقليص التهديد الموجه لها، تحاول التنسيق مع طالبان بشكل مباشر.
مع أن داعش تقلص تأثيره في أفغانستان، لكن ولأول مرة تمت المصادقة على استراتيجية لمحاربة داعش في أفغانستان. اعتبرت شورى الأمن الوطني هذا التنظيم تهديدا لأفغانستان ودول المنطقة، وتشير أرقام المؤسسات الأمنية الأفغانية أنه ومنذ بداية محاربة الحكومة الأفغانية مع داعش تم قتل 500 عضو التنظيم في أفغانستان.
تنظيم داعش وباكستان
كان أول قائد داعش في خراسان حافظ سعيد خان من المناطق القلبية أوركزاي الباكستانية. وبعد أن بدأ التنظيم أنشطته في أفغانستان، وصل عدد من الباكستانيين إلى أفغانستان في صفوف داعش.
هاجم داعش في 13 من يناير 2016م، القنصلية الباكستانية في جلال آباد الأفغانية، وقبل ذلك تبنت هجمات دامية أخرى حدثت في باكستان. ففي مايو 2015م، تم إطلاق النار على حافلة في مدينة كراتشي، لقي فيه الهجوم 43 فرد حتفه، وجُرح 13 آخرون، وتبنى فرع خراسان لداعش مسؤولية الهجوم. وكان التنظيم وراء هجوم على قناة باكستانية أيضا. رغم هذه الأنشطة تنفي وزارة الداخلية الباكستانية تواجد داعش في باكستان. وبعد انطلاق فرع خراسان لداعش كانت غالبة أنشطته في أفغانستان مقارنة مع باكستان.
مستقبل داعش في أفغانستان
بدأ فرع داعش لخراسان أولى أنشطة شرقي أفغانستان، وكانت أولى مواجهات مع طالبان. انشغلت حركة طالبان والحكومة الأفغانية معا في مواجهة داعش، وفي 2015م، تم ضرب داعش إلى حد كبير. لعب هجمات طائرات أمريكية بلا طيّار، وعمليات القوات الأفغانية وهجمات حركة طالبان، لعب كل ذلك دورا كبيرا في انكماش قوة داعش، مقارنة مع السنوات الأولى من ظهوره.
مع أن داعش وبعد الإعلان بوفاة الملا محمد عمر زعيم طالبان الأسبق وجد فرصة كبيرة لاستقطاب عناصر طالبان، نظرا للخلافات الكبيرة في صفوف طالبان، ولكي تجذب إليه مخالفي أختر منصور، لكن حسم الملا أختر أفقد داعش هذه الفرصة. وقد قضى الملا أختر منصور على الملا منصور داد الله النائب القوي لملا محمد رسول خلال مواجهة عسكرية وحصل على مبايعة كثير من المخالفين. بعد فقدان هذه الفرصة، وخاصة أن الفكر المتشدد لداعش سبب نفرة المجموعات المسلحة الأفغانية تجاه داعش.
وكان من عوامل ضعف داعش في أفغانستان، أن داعش تلقى ضربات جوية كبيرة في العراق وسوريا من قبل روسيا والتحالف الذي يحارب داعش، وفقد كثيرا من فرص دعم فرعه في أفغانستان. لذلك يواجه داعش أفغانستان مستقبلا مهددا بالانهيار.
النهاية
[1]الرئاسة الأفغانية، «شورى الأمن الوطنية، استراتيجية لمحاربة داعش، تمت المصادقة عليها»، http://president.gov.af/fa/news/87059
[2]خراسان كان أيام ظهور إسلام يجمع أفغانستان إلى طاجيكستان، إلى أجزاء من إيران وأزبكستان، وتركمانستان وأجزاء من مناطق باكستان.
[3]لقي عبدالرووف خادم مصرعه في 9 من فبراير 2015م، في هجوم لطائرة أمريكية بلا طيّار.
[4]Afghan online press, »Daesh killed over 600 Afghans in six months: Defense Ministry« see it online:
http://www.aopnews.com/isisdaesh/daesh-killed-over-600-afghans-in-six-months-defense-ministry/
[5]تحليل الأسبوع، العدد 122، لمركز الدراسات الإسراتيجية والإقليمية: