ظاهرة الجرائم الجنائية من المشاكل الاجتماعية للبشرية كلها و لكنا تُرتكب في أبشع صورها في أفغانستان. و يزداد معدل الجرائم الجنائيه البشعة يوما بيوم التي سببت لقلق متزايد لدى كثير من سكان البلد.
(أباسين) الطفل اللذي اختطف من قبل فريق المختطفين قبل قرابة خمسة اشهر من منطقة (كارته نو) داخل مدينة كابل ثم بعد تعذيبه و قطع اصبعه قتل بصورة بشعة وتم العثور على جسىده في احدي ضواحي المدينة.
قضية اختطاف و قتل اباسين اثارت ضجة و ردود فعل واسعة لدى الشعب إلى ان طالب مجلس الشعب و عامة الناس ونشطاء المجتمعات المدنية من الحكومة ومؤسسة القضاء تطبيق العدالة في القضية المذكورة.
و قالت الرئاسة في بيان لها ان الرئيس قد تاثر بهذا الحادث و اصدر اوامر للجهات المعنية و القضائية تتابع الامر بجد حتى تطبق العدالة على عاملي القضية بجدية.
قضية اختطاف و القتل البشع لهذا الطفل علي أيدي المختطفين ليست قضية اولى بل شهدت الساحة الأفغانية قضايا بشعة اخرى في مختلف نواحى البلد. السؤال الذي يُطرح هنا: ما هي الاسباب التي تسببت في ازدياد هذه الجرائم البشعة في أفغانستان؟ و ما هي الخطوات التي يجب أن تتبناها الحكومة كى تقلل من وقوع تلك الجرائم إلى أدنى مستوياتها.
معدل الجرائم في أفغانستان من سنة 1387- 1394الهجرية الشمسية
ظاهرة الجرائم لايمكن اقلاعها كليا عن المجتمع ولكن يمكن للحكومة اتخاذ بعض الخطوات حتى تقلل الجرائم الى ادنى مستوى ممكن.
لقد كان لإجمالي الجرايم المسجلة منذ سنة 1387الى اليوم وتيرة تصاعدية. في سنة 1387 كانت الجرائم المسجلة عند الجهات المعنية 6786 قضية جنائية و لكن هذا العدد وصل إلى ثلاثة ارباع سنة 1394، لأنه وصل الي 14619 قضية جنائية. رغم انها وفي بعض السنوات انخفضت الجرائم بالنسبة للعام الماضي نسبيا ( ففي سنة 1389 سجلت الجرائم 7010 جريمة فتقللت الجرائم في سنة 1390 الى 6929 ) ولكنها ارتفعت في بعض الاعوام بشكل لم يسبق لها مثيل. على سبيل المثال في سنة 1392 وصل عدد جميع انواع الجرائم في جميع انحاء البلد الي 27122 قضية. (لمزيد من التفصيل راجع الى الجدول رقم 1).
أعداد غير مسجلة للجرائم
الإحصائيات التي ذكرناه في الجدول السابق هي الجرائم التي رفعت الى الجهات الرسيمة و سجلت من جانب الجهات المعنية و لكن احصاءات الجرائم الحقيقية في البلد هي اكبر بكثير من ذلك. بناء على تقرير لمؤسسة آسيا ( Asia Foundation ) ان 49% من الجرائم لم تسجل لدى الجهات المعنية لعدم وصولها الي الجهات.
الفساد في الادارات الدولية, عدماعتقال المجرمين او اطلاق سراح المجرمين بعد اعتقالهم من جانب الشرطة, و ضعف سيطرة الدولة في المناطق النائية, و البيوروقراطية الطويلة لتسجيل الجرائم, ضعف الثقة على الحكومة, تدخل الاقوياء في مثل هذه الامور يكمن ان نعدها من الأسباب التيتمنع تسجيل كثير من الجرائم لدى الجهات المعنية في الحكومة.
ارتفاع في مستوی الجرائم الشنيعة
رغم الانخفاض الاجمالي في معدل الجرائم, ازدادت الجرائم البشعة كالقتل و قطع الطرق. لان معدل القتل في سنة 1390 كانت اكثر من غيرها ولكن شاهدنا الانخفاض فى الجرائم الاخرى نسبيا. و نحن اذا نطرنا بعد المراجعة في ارقام ثلاثة ارباع السنة 1394 و 1393 نلاحظ ان مجموع الجرائم في ثلاثة ارباع سنة 1394 اقل بالنسبة لثلاثة ارباع السنة 1393ولكن ارقام جريمة الاختطاف و القتل ازدادت بنسبة العام السابق.
و اما اذا نظرنا الي ارقام القتل في الاعوام الماضية للاحظنا ان باستثناء عن سنة 1389 الارقام الفعلية في ازىياى مستمر سنة بعد سنة. علي سبيل المثال جريمة القتل في سنة 1387 حدثت جرائم القتل 1075 ولكن في ثلاثة ارباع سنة 1393 و 1394 حدثت اكثر من 1600 حادثة جريمة القتل في البلد. ( جدول 1)
من ناحية اخرى, المحاسبات الغير رسمية كذلك تشير الى ازدياد الجرائم بشكل ملحوظ. فقط في مدينة كابل وقع في 3 اسابيع من شهر ديسمبر 318 وقائع جنائية. و كل يوم تقع عشرات الوقائع الجنائية في المدن الكبرى.
زيادة جريمة الاختطاف علاوة على التاثيرات السلبية التى القت على روح و حياة الناس من كذلك له اثر على النشاطات الاقتصادية ايضا. و اختطاف التجار و افراد عائلاتهم من المناطق الآمنة في المدن الكبيرة هي التي سببت فى تعطيل النشاطات الاقتصادية من قبل التجار بسبب بسبب سوء الاوضاع الامنية.
بعد العام 2014 الميلادية اخرج كثير من التجار استثماراتهم من البلد و ذهبوا بها الي خارج البلاد خوفا على اموالهم بسبب الاوضاع الامنية. جرائم الاختطاف و السرقة من الجرائم التي من اكثر الناس تضررا بها هم التجار و اصحاب الثروات, و هذه الحالة هي التي يئس منها هولاء التجار و المستثمرون فلذلك و تسبب في فرار المستثمرين الأخرين كذلك.
اسباب ازدياد الجرائم
بناء على الدراسة الإستقصائية من سنة 2009 الى 2014 على حد الوسط 20.17% من الناس البطالة, 13.17% الفساد الاداري و 7.67% الامية و 7.7% يعدون الفقر من العوامل المهم في ازدياد الجرائم. و هنا نعد الاسباب الحققيقية لازدياد الجرائم كالتالي:
- الفساد الاداري و عدم تنفيذ القواني:بناء علي تقرير منظمة الشفافية الدولية (Transparency International)، عرفت افغانستان الدولة الثانية عالميا في كثرة الفساد الإداري و بناء على الدراسة الاستقصائية في سنة 2014 عرفت المحاكم و الادارات القضائية 34% و الشرطة 26% من الادارات الفاسدة. لذا الفساد المتشري في هذه الادارات لها اثر بارز في زيادة الجرائم الجنائية لان المجرمين يعتقلون بواسطة الشرطة و يحاكمون في المحاكم و الإدارات القضائية. كذلك کون الشرطة غير محترفين في وظائفهم لم يتسبب في افلات المجرمين فحسب بل في بعض المواقع يكونون متعاونين معهم في تلك الجرائم ايضا.
- البطالة: مستوي البطالة في افغانستان تطلعت الي ذروتها في هذه الايام الاخيرة و بعض الشباب العاطلين عن العمل يرتكبون هذه الجرائم و الجنايات البشعة للحصول على الموارد المالية غير المشروعة.
- السياسيون والاقوياء:بعض الاقوياء و السياسيون يدافعون عن المجرمين امام القانون بسبب المنافع الشخصية. و هذا هو الدليل على وقوع الجرائم في بياض النهار و في المناطق الآمنة من المدينة بالاستفادة من السيارات ذو النوافذ السوداء. و من العوامل الأخرى التي ساهمت في ذلك هو نشر المسلسلات التلفزيونية و البرامج المبتذلة خلاف المعايير الاخلاقية و ضد الثقافة الافغانية و للدين الافغاني. هذا النوع من النشرات تحسب من العوامل المهمه لازدياد الجرائم. في حين ان احدى الاسباب التي تساعد في انخفاض الجرائم هي الاحتراز عن النشرات المبتذة في وسائل الاعلام و و بدلا عنها يجب نشر البرامج المفيدة و المطلعة.
- حمل الاسلحة الغير قانونية و وجود الافراد الغير مسوولة:منذ عدة عقود من الحروب وزعت الاسلحة في كل نواحي البلد. رغم ان الجهود بذلت منذ عام 2005 لجمع تلك الاسلحة الغير قانونية ولكن مع ذلك توجد كمية كبيرة من الاسلحة في كل بقاع البلد علي سبيل المثال قبل اشهر حدثت شجار بين الافراد المسلحين الغير المسوولة في احدي الاعراس فقتل فيها 22 وعشرون شخصا.
طرق الحل لتقليل الجرائم:
- تجب علي الحكومة اتخاذ اجراءات جادة و حاسمة و مؤثرة لمكافحة الفساد الاداري في كل ادارات الدولة كالقضاء و قوى الامن لان الفساد في هذه الادارات من العوامل الاساسية التي تسببت في ازدياد الجرائم في البلد.
- رفع المستوي الاحترافي للقوى و الادارات التي تكافح الفساد عن طريق التدريبات المهنية و ازدياد مرتباتهم كذلك حتي يتقلل ميزان الفساد الاداري في هذه الادارات كذلك.
- اتخاذ الاجراءات الجادة و العملية لتوليد الاعمال و رفع البطالة لاولئك الشباب الذين يشاركون في مثل هذه الجرائم بسبب البطالة و عدم وجود العمل و الاشتغال.
- ان يكون موقف الدولة و الادارات القضائية حاسما و جادا امام هؤلاء المجرمين الجنائين و ان تعقد جلسات القضاء علنا حتي ينتهي كليا او يقل رغبة المجرمين في ارتكاب الجرائم.
- ان تمنع الحكومة نشر البرامج المبتذلة و مخالفة مع التعليمات الدينية و القوانين الناقذة و ثقافة البلد في وسايل الاعلام.
الختام