في 23 من فبراير 2016م، يتم عقد الجلسة الرابعة من سلسلة المحادثات الرباعية للسلام في كابول. وبعد الجلسة الثالثة منها، ظهرت آمالات بأن تصل الأمور حد محادثات مباشرة بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان.
من جهة أخرى، وقبل أيام قام نواز شريف رئيس وزراء باكستان بزيارة إلى قطر، ونشرت في الصحافة الباكستانية تقارير أفادت بأن شير محمد عباس أستانيكزاي رئيس المكتب السياسي لطالبان في قطر، وقاري دين محمد حنيف زارا إسلام آباد أثناء الجلسة الثالثة من المحادثات الرباعية. من هنا، ظهرت آمال لدى البعض في إسلام آباد، وكابول بالمحادثات المباشرة بين الحكومة وحركة طالبان.
فما هي الفروق الأساسية بين محادثات “مري”، في العام الماضي وبين المحادثات الرباعية؟ ما هي عناصر نجاح المحادثات الرباعية؟ وهل ستبدأ حقا محادثات رباعية بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان؟
من محادثات مري إلى المحادثات الرباعية
لو نلخّص محاولات أشرف غني بشأن السلام، يمكن لنا أن نلخّصها منذ محادثات مري إلى المحادثات الرباعية. فقد جاءت محادثات مري بعد أن منح الرئيس الأفغاني تنازلات للجانب الباكستاني وعوّل عليه كثيرا، لكن العملية تعرقلت بإعلان وفاة الملا محمد عمر.
بعد ستة أشهر، وبمحاولة من دول المنطقة والعالم، بدأت سلسلة محادثات رباعية من أجل عملية السلام الأفغانية. تختلف هذه المحادثات مع محادثات مري، في أن المحادثات الرباعية تجري بضمانة من قوتين عُظمَيَيْن (أمريكا والصين).
سلسلة المحادثات الرباعية
في شهر ديسمبر 2015م، عُقدت جلسة شكّلت مجموعة التعاون الرباعي، مما أسفرت عن عقد أولى جلسات المحادثات الرباعية في 11 من يناير في إسلام آباد، وعُقدت الجلسة الثانية في 18 من يناير في كابول. أما الجلسة الثالثة عُقدت في 6 من فبراير في إسلام آباد، ومن المقرر أن يتم عقد الجلسة الرابعة في 23 من فبراير، في كابول.
في الجلسة الأولى من هذه المحادثات اتفق جميع المشاركون على ضرورة إنهاء الحرب، وجاء في بيانها الختامي إن الحرب تخلق عنفا بلا معنى. وتم التأكيد على ضرورة إجراء محادثات مباشرة بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان، وتم وضع إطار عمل للمحادثات الرباعية[1].
وهدفت الجلسة الثانية من هذه المحادثات على خطة محادثات مباشرة بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان. رغم عدم نشر تفاصيل حول هذه الخطة[2].
وفي الجلسة الثالثة، وضعت المجموعة خطة حول السلام، نصت على أن عملية السلام تكون بزعامة أفغانية، وسيكون دور الدول الأخرى، دور تعاون وتسهيل فقط.
طالبان والمحادثات الرباعية
بعد جلستين من المحادثات الرباعية، أوضحت حركة طالبان في جلسة عقدتها مؤسسة “بكواش”، موقفها بشأن عملية السلام، وربطتها بأربع نقاط:
- الإذن لمكتب طالبان في قطر، بالعمل،
- إطلاق سراح السجناء،
- رفع حظر السفر من زعماء طالبان،
- ووقف نشر الدعاية ضدهم.
مع أن أشرف غني وفي جلسة بكواش رفع إشارة خضراء لطالبان بشأن السلام، لكن كابول لم ترفع بعد أي خطوة تجاه محادثات مباشرة بين الحكومة وحركة طالبان.
إن تحديد مكان هذه المحادثات المباشرة بين الحكومة وحركة طالبان أمر مهم للغاية. يبدو أن طالبان لا ترغب أن تكون هذه المحادثات في كابول إو إسلام آباد. وفي حال اختيار الصين، يحول حظر سفر زعماء طالبان دون ذلك، وهو أمر يطلب اهتماما من قبل الحكومة الأفغانية والأمريكية. ومن المتوقع أيضا أن يكون مكانها قطر، لكن يبدو أن الحكومة الأفغانية لا ترغب في ذلك.
يمكن أن تحضر طالبان إلى المحادثات الرباعية بعد أن تحاورها مجموعة التعاون الرباعية مباشرة عبر مكتب قطر. ومع عدم تحديد المكان للمحادثات الرباعية مع طالبان، لكن في حال مشاركة مندوبي مكتب قطر، فمن المحتمل أن يكون مكانها قطر، أو في مكن آخر غير أفغانستان وباكستان. وستكون مصلحة طالبان في تحديد مكان المحادثات في بلد آخر، بأن حظر السفر عنهم يُرفع.
عناصر نجاح المحادثات الرباعية
تكمن عناصر نجاح المحادثات الرباعية بشكل عامل في النقاط الآتية:
- قضية النيابة عن طالبان: إن أهم عنصر النجاح للمحادثات الرباعية يكمن في أن يكون من ينوب طالبان مندوبا حقيقا، وفي حال عدم مشاركة مندوب من مكتب قطر، أو من المجلس القيادي، ممن لهم صلاحيات أخذ القرار، وفي حال عدم مشاركة مجموعة الملا أختر منصور، فإن النتيجة ستكون كما كانت أيام كرزاي. وعلى أساس المعطيات الأرضية تظهر هذه المجموعة أكثر قوة، ويمكنها النيابة عن حركة طالبان تماما.
- لا يجب الإكراه: والعنصر الثاني الأهم يكمن في عدم إعمال القوة لإجراء هذه المحادثات. لأن المحادثات التي تجري بضغط لا تجدي نفعا على الأمد الطويل، وإن أظهرت شيئا على الأمد القصير. مع أن مسؤولين رفيعي المستوى من حركة طالبان شاركوا في محادثات مري، لكنها لم تسفر عن نتائج إيجابية، بل واشتدّت الحرب أكثر في البلد، وسقطت مدينة قندوز. وكان السبب الأساس في أن تلك المحادثات جائت بسبب ضغط كبير، وبرأي طالبان كانت “خدعة”.
- أن لا يكون هدفه تقسيم طالبان: إذا هدفت المحادثات الرباعية إلى الحوار مع أي جهة ترغب، وأن يتم جذبها إلى الحكومة، وأن يتم ضرب أو تهميش بقية مجموعات طالبان، فإنها ستكون خطة مؤقتة، لأن الحكومة الأفغانية جرّبت هذه الخطة خلال 15 سنة الماضية، ولم تجد أي نفع.
- أن تكون المصلحة الأفغانية على رأس مصلحة الآخرين: هناك ثلاث دول أخرى في هذه المحادثات الرباعية، وتمثّل الحكومة الأفغانية وحركة طالبان الجانب الأفغاني. فإذا غلبت مصلحة الآخرين على مصلحة الأفغان، فإنه سيؤثر على السلام بطريقة سلبية.
- أن تكون النتيجة لصالح جميع الجهات المشاركة: ويكمن نجاح المحادثات الرباعية، في أن تشعر الجهات المشاركة كلها بالنجاح، وأن لا تشعر أي جهة الخسارة في نهاية المحادثات.
النهاية
[1] راجع، البيان المشترك للجلسة الأولى لـ”مجموعة التعاون الرباعي”، في موقع وزارة الخارجية الأفغانية:
http://mfa.gov.af/en/news/joint-press-release-quadrilateral-coordination-group-meeting-of-afghanistan-china-pakistan-and-the-united-states
[2] جاء في بيان الجلسة الثانية من المحادثات الرباعية التالي:
The roadmap aims to set specific measures that are necessary for creating a conducive environment for the commencement of Afghan led, Afghan owned peace talks between representatives of the Government of Afghanistan and representatives of Taliban groups aimed at reduction of violence and establishing lasting peace in Afghanistan and the region
راجع بيان الجلسة الثانية في الرابط التالي: