سمي الیوم الثامن من مارس یوما عالمیا للمرأة، ویتم الاحتفاء به في أکثر دول العالم کل سنة. کما یحتفی به في أفغانستان کل سنة مثل بقیة دول العالم سیما من قبل المسؤولین الحکومیین في الدوائر الحکومیة ومن قبل المؤسسات المختلفة المهتمة بشؤون المرأة. وقد تم الاحتفاء بهذا الیوم في أفغانستان هذا العام في وقت قتل وجرح ۱۱٥۲ امرأة العام المنصرم (۲۰۱۸م) بسبب الحرب وفقا للتقریر السنوي لمؤسسة یوناما (هيئة الأمم المتحدة لمساعدة أفغانستان).
إضافة إلى الحربن فإن الفقر والإدمان والأمية والعنف وغير ذلك؛ من المشكلات التي تواجهها حياة المرأة الأفغانية. هناك مؤسسات مختلفة تنشط في أفغانستان لحماية المرأة الأفغانية؛ لكن معظم هذه المؤسسات تتبع بعض المشاريع وتعمل في نطاق ضيق.
من جهة أخرى؛ فإن المرأة الأفغانية في كثير من المناطق تعيش في وضع صعب وتحرم من حاجاتها الأولية. نسعى في هذا التحليل إلى إعطاء صورة حقيقية عن وضع المرأة الأفغانية، وممارسة العنف ضدها في البلاد وعوامل ذلك العنف.
دور المرأة في بناء الحكومة الأفغانية
طبقا لمعلومات إدارة الإحصاء المركزية (رئاسة إحصاء السكان) فإن عدد سكان أفغانستان كان ۲۹،۷ ملايين عام ۲۰۱۷م، ۱٤،٥ ملايين منهم النساء.
تبذل الجهود لتحسين وضع المرأة منذ عام ۲۰۰۱م وتأسيس النظام الحالي، وتم فتح أبواب المدارس والجامعات أمام البنات وتم العمل على تسريع عملية استخدام المرأة في الإدارات الحكومية يوما بعد يوم.
طبقا لمعلومات وزارة المعارف فإن عدد طلاب المدارس وصل في العام ۲۰۱۷م إلى ۹ ملايين و۳۸۹ ألفا، حوالي ۳ ملايين و٥٦٤ ألفا منهم من البنات. كما كان عدد الطلاب في الجامعات الحكومية والأهلية عام ۲۰۱۷م ۳٦۹۳۱۷ طالبا وطالبة، ۹۱۸۲٦ منهم من البنات.
طبقا للمعلومات المقدمة من وزارة المعارف فإن السفارات الأفغانية في الولايات المتحدة وتاجيكستان وسويسرا والنرويج تديرها النساء. كما أن هناك ثلاث وزارات في التشكيلة الحكومية لحكومة أفغانستان الحالية تدار من قبل ثلاث نسوة، وهناك عشر نسوة يعملن كنائبات الوزير في عشر وزارات، وتم تفويض رئاسة لجنتي الانتخابات أخيرا إلى امرأتين، كما كان دور المرأة في الدورة الدستورية السادسة عشرة من البرلمان أكبر منه في بعض الدول المتقدمة في المنطقة والعالم مثل (فرنسا والهند وروسيا واليابان وباكستان). بالإضافة إلى ذلك فإن هناك العديد من النساء اللاتي يعملن كمؤظفات في الحكومة الأفغانية الحالية.
وضع المرأة الأفغانية
المجتمع الأفغاني مجتمع محافظ ومتدين، يعتبر طلب الميراث من قبل المرأة فيه حتى الآن عارا في كثير من المناطق. يتضح من هذا المثال أن شريحة كبيرة من المجتمع الأفغاني تحرم عن حقوقهم الطبيعية والإسلامية بسبب الأمية أو التأخر الثقافي.
منذ ثمانية عشر عاما الماضية تم إنشاء وزارة شؤون المرأة في دولة أفغانستان لتحسين وضع المرأة، بدأت عشرات من المؤسسات تنشط لحماية المرأة، وخصص المجتمع الدولي ملايين الدولارات لتحسين وضع المرأة. وتم إنشاء بعض القوانين لحماية حقوق المرأة، مع كل ذلك فإن المرأة الأفغانية تواجه العنف وكثيرا من المشكلات حتى الآن.
طبقا لمعلومات اللجنة المستقلة لحقوق الإنسان في أفغانستان فقد تم تسجيل ٥۱۳۲ حالة من العنف ضد المرأة عام ۲۰۱۵م. (حادثة فرخندة) المؤلمة وقعت في هذا العام، حيث قام عشرات الأشخاص بضربها حتى الموت، وتم دعسها بالسيارة وحرقها على مسافة بضعة كيلومترات من القصر الرئاسي بتهمة الإهانة بالمصحف الشريف. وتم تسجيل ٥٥۷٥ حالة من العنف ضد المرأة عام ۲۰۱۶م، إلا أن حالات العنف ضد المرأة انخفضت عام ۲۰۱۷م إلى ٤۳٤۰ حالة. وهذه الحالات هي التي سجلت في المدن والتي تخضع لسيطرة الحكومة، في الوقت الذي تخضع قرابة نصف الأراضي الأفغانية لسيطرة المعارضة المسلحة ليس هناك أي معلومات بشأن وضع المرأة في هذه المناطق.
الأموال التي يتم تخصيصها تحت مسمى حماية المرأة يقتصر معظمها على المدن، في حين يعيش ۲۱،۱ مليونا من الشعب الأفغاني في القرى.
تقع الكثير من النساء في الوقت الحاضر ضحية الإفراط حيث يبتعدن عن قيمهن الإسلامية والوطنية باسم الديمقراطية وحرية التعبير. تواجه النساء في المدن الأذى الجنسي والعنف بطرق مختلفة في ظل الديمقراطية وحرية التعبير. مركز «پیک» للدراسات يقول في دراسة له أن من بين أربع نساء اللاتي يعملن في المؤسسات العسكرية في أفغانستان تواجه واحدة منهن الاذى الجنسي من قبل زملائهن. وبعيدا عن المدن، فإن النساء في المناطق القروية يحرمن من حقوقهن الإنسانية والإسلامية. الإجبار على الزواج، وزواج القاصرات، والعنف الأسري، والحرمان من الدراسة، وعدم توفير التسهيلات الطبية، والقيام بأعمال شاقة داخل المنزل وخارجه وغير ذلك؛ من المشكلات التي تواجهها المرأة الأفغانية، وتؤثر على حياتها سلبا.
النتيجة
الحرب الجارية في أفغانستان منذ أربعة عقود أثرت سلبا على حياة و وضع المرأة الأفغانية كما أثرت على حياة جميع المواطنين الأفغان؛ خلفت الحرب عشرات الآلاف من الأرامل، ودمرت البيوت، وأجبرت الأفغان على القيام بأعمال شاقة أو التسول من أجل الحصول على لقمة يعيشون بها هم وأولادهم.
إضافة إلى ذلك؛ فإن الأمية، والجهل بالحقوق التي منحها الإسلام للمرأة، وتأثير الثقافة الأجنبية على المجتمع، والفساد، وعدم احترام ورعاية القانون وغير ذلك من الأمور التي أدت إلى ازدياد حالات العنف ضد المرأة في أفغانستان.
الأموال التي تم تخصيصها من قبل المجتمع الدولي والحكومة الأفغانية لحماية المرأة يجب استخدامها لتحسين وضع المرأة حتى يصير التقليل من حالات العنف ضد المرأة ممكنا، لا أن تستخدم في المدن وفي اجتماعات وشعارات مجردة ومشاريع لا فائدة فيها. لحماية المرأة تجب توعية الشعب بالحقوق الإنسانية والإسلامية للمرأة، كما يجب تقديم ممارسي العنف ضد المرأة إلى العدالة، وكما يجب تسهيل الحصول على الحاجات الأولية اللازمة للمرأة في المناطق النائية.
انتهى