في تقريرها السنوي ذكرت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة أفغانستان (UNAMA) أن الخسائر في صفوف المدنيين في عام 2016 زادت عن الخسائر لعام 2015 بنسبة 3% وبلغت حدا غير مسبوق منذ بداية رصد الخسائر في عام 2009.
الإحصائيات المذكورة في التقرير والذي نُشر بتاريخ 6/فبراير/2017 تفيد أن عدد ضحايا الحرب لعام 2016 يبلغ 11418 مدنيا، عدد القتلى منهم 3498 شخصا والبقية (7920) أُصيبوا بجراحات. تضمن التقرير أيضا معلومات حول المتسببين في وقوع هذه الخسائر.
تُسجل بعثة الأمم المتحدة لمساعدة أفغانستان عدد الخسائر بين المدنيين منذ عام 2009 وحتى الآن، وقد شوهد ارتفاع عدد ضحايا المدنيين عاماً بعام؛ إلا أن الموضوع المُلفت للنظر هو أن بعثة الأمم المتحدة فيما يتعلق بالضحايا تلقي باللائمة على المعارضة المسلحة للحكومة والقوات الأفغانية، ولكنها تغض الطرف عن جرائم القتل التي ارتكبتها القوات الأجنبية.
في هذا المقال سنتطرق إلى وقوع الخسائر في صفوف المدنيين في العقد والنصف الماضي، والمتسببين في هذه الخسائر، ودور الجماعات المسلح المتحاربة في إيقاع الخسائر بين المدنيين، وأسباب زيادة عدد هذه الخسائر عام 2016.
الخسائر المدنية (2001-2016)
في عام 2001 عندما بدأت القوات الأمريكية وقوات التحالف هجماتها على أفغانستان ارتفع معدل الضحايا المدنيين في هذا العام وبلغ عدد القتلى 2375 شخصا. وفي الفترة بين الأعوام 2002 و 2006 سقط إجمالا عدد 2422 فردا من المدنيين. من الجدير بالذكر أن هذه الإحصائية لم تسجل من قبل مؤسسة رسمية وإنما هي ناتج تحريات بعض الباحثين.
بدأت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة أفغانستان برصد الخسائر المدنية منذ عام 2007، إلا أن تقارير البعثة في الأعوام 2007 و 2008 تختلف في منهجيتها عن تقارير عام 2009 وما بعدها.
بالنظر في تقارير بعثة الأمم المتحدة حيال الخسائر المدنية ودراسة الإحصائيات المُسجلة من هذه المؤسسة نجد أنه كلما زادت التدهورات الأمنية واشتدت الحرب بين القوات الأفغانية والأجنبية من جانب والمعارضة المسلحة من جانبٍ آخر؛ زادت الخسائر في صفوف المدنيين. بعد عام 2007 زاد عدد الضحايا المدنيين بشكل سنوي (ما عدا عام 2012) “لمزيد من التوضيح يُرجى الرجوع للجدول-1”. في عام 2009 بلغ عدد الضحايا المدنيين إجمالا 3556 شخصا، إلا أن هذا العدد وصل إلى 11418 شخصا في عام 2016.
بشكل عام، وبالنظر في إحصائيات منظمة الأمم المتحدة، فإن عدد الضحايا (القتلى والجرحى) المدنيين في أفغانستان من عام 2007 وحتى نهاية عام 2016 بلغ 73793 شخصا.
الجدول-1: الخسائر المدنية في أفغانستان (2009-2016)
المصدر: تقارير بعثة الأمم المتحدة حيال الخسائر المدنية بأفغانستان (2009-2016)
المتسببين في وقع الخسائر المدنية
في التقارير السنوية لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة أفغانستان بالإضافة إلى عدد الخسائر المدنية يُشار إلى المتسببين في وقوع الخسائر وتُطرح اقتراحات للجهات المتحاربة بأفغانستان لتقليل عدد الضحايا.
فيما يتعلق بالمتسببين في الخسائر المدنية، فإن بعثة الأمم المتحدة لم تُدرج إحصائيات الخسائر المدنية التي الا توجد عليها أدلة كافية أو لم تصل البعثة إلى أدلتها وشواهدها، ومن جانبٍ آخر لم يتم إدراج الخسائر التي وقعت بسبب الطائرات بدون طيار والضحايا المدنيين الذي سقطوا جراء هجمات القوات الأجنبية.
في تقرير بعثة الأمم المتحدة لعام 2016 ذُكر أن المسؤول عن نسبة 61% من الخسائر المدنية هي القوات المعارضة للحكومة (طالبان في الدرجة الأولى) والمسؤول عن 24% من الضحايا هي القوات المؤيدة للحكومة (20% القوات الأفغانية، 2% المليشيات المساندة للحكومة، و 2% القوات الأجنبية). عزت المؤسسة مسؤولية 10% من الخسائر المدنية إلى الاشتباكات الأرضية بين معارضي الحكومة والقوات المؤيدة للحكومة، لأنه لم يكن ممكنا نسبة الخسائر الواقعة بسبب هذه التكتيكات الحربية إلى جهة معينة. النسبة المتبقية من الخسائر (5%) لم يتم نسبتها إلى أي جهة لأن هذه الخسائر وقعت بفعل بقايا متفجرات الحرب السابقة والتي لم تنفجر في حينها.
في إحصائية بعثة الأمم المتحدة ذُكر أن دور القوات الأجنبية في الإيقاع بالخسائر المدنية لا يزيد عن 2% مما يُعتبر غريبا، حيث أن القوات الأجنبية عادت لميدان القتال عام 2016 ومن جانبٍ آخر زادت غارات الطائرات بدون طيار التي تشنها هذه القوات.
الجدول-2: المتسببين في الخسائر المدنية (2009-2016)
المصدر: تقرير بعثة الأمم المتحدة لمساعدة أفغانستان حيال الخسائر المدنية بأفغانستان (2009-2016)
الخسائر من فئات النساء والأطفال (2009-2016)
حسب إحصائيات بعثة الأمم المتحدة لمساعدة أفغانستان، بلغ عدد القتلى والجرحى من الأطفال في عام 2016 عدد 3512 طفلا، منهم 923 قُتلوا و البقية (2589) أُصيبوا بجراح. يُظهر هذا الرقم زيادة عن عامم 2015 بنسبة 24%.
تُظهر إحصائيات الضحايا من النساء لهذا العام انخفاضا بنسبة 2% مقارنة بالعام الماضي (بلغ عدد الضحايا من النساء عام 2016 عدد 1218 امرأة، منهن 341 امرأة قُتلن و أصيبت 877 امرأة أخرى بجراح). لمزيد من التفاصيل يرجى الاطلاع على الجدول-3.
الجدول-3: الخسائر في فئات النساء والأطفال (2009-2016)
المصدر: تقارير بعثة الأمم المتحدة لمساعدة أفغانستان حيال الخسائر المدنية بأفغانستان (2009-2016)
أسباب زيادة الخسائر المدنية عام 2016
الأسباب التي أدت إلى زيادة عدد الخسائر المدنية بأفغانستان في عام 2016 هي اشتداد الحرب على الأرض والتدهورات الأمنية مع عدم اهتمام القوات المتحاربة بالحفاظ على أرواح المدنيين، وعودة القوات الأجنبية إلى ساحات الحرب، والغارات الجوية على المناطق السكنية وغيرها.
- اشتداد حدة الحرب: كان عام 2016 عاما صعبا ومليئا بالتحديات للحكومة والشعب الأفغاني. شهد هذا العام حروبا شديدة بين القوات الأفغانية والجماعات المسلحة المعارضة وخصوصا طالبان. في هذا العام من جانبٍ اشتدت حدة الحرب على الأرض ومن جانبٍ آخر صعّدت القوات الأجنبية هجماتها الجوية واستهدفت أماكن تسببت في وقوع خسائر مدنية كبيرة.
- التفجيرات وهجمات القوات المعارضة للحكومة: السبب الرئيس الآخر لارتفاع عدد الخسائر المدنية في عام 2016 هو الهجمات الجماعية والتفجيرات الدامية في كابل والمدن الكبيرة الأخرى بأفغانستان. في هذا العام شنت القوات المعارضة هجماتها في أمكان يتردد إليها العامة في أعمالهم اليومية.
- تنظيم داعش: في تقرير عام 2016 الصادر من بعثة الأمم المتحدة لمساعدة أفغانستان، ذُكر أن المتسبب في وقوع 899 خسائر مدنية (209 قتيل و 690 جريح) هو تنظيم داعش في أفغانستان. في حين أن الإحصائية المسجلة عام 2015 تفيد وقوع خسائر بعدد 82 شخصا مدنيا(39 قتيل و 43 جريح) مما يُظهر زيادة بمعدل عشرة أضعاف في الخسائر المدنية الواقعة بسبب هذا التنظيم مقارنة بالعام الماضي.
- هجمات القوات الحكومية: في تقرير عام 2016 نسَبت بعثة الأمم المتحدة مسؤولية 20% من إجمالي الخسائر المدنية إلى القوات الأفغانية. في حين أن هذه النسبة في عام 2015 بلغت 17%. الارتفاع الملحوظ في عدد الخسائر المدنية التي تسببت فيها القوات الأفغانية نتج عن الغارات الجوية والهجمات التي شنّتها القوات الأفغانية دون اتخاذ إجراءات احتياطية وِقائية.
النهاية