قبل عامين وتحديداً في 29/سبتمبر/2014 تم توقيع اتفاقية تشكيل حكومة الوحدة الوطنية من قبل أشرف غني كرئيس للجمهورية وعبدالله عبدالله كرئيس تنفيذي للحكومة وبتنسيق من وزير الخارجية الأمريكي جون كيري. الأربعاء الماضي انقضى عامان من عمر الحكومة.
واجهت حكومة الوحدة الوطنية خلال هذين العامين تحديات سياسية واقتصادية وأمنية عديدة. من جهةٍ واجهت الحكومةُ ازمةَ (الشرعية) وحراك المعارضة السياسية، ومن جهةٍ أخرى الخلافَ الداخلي بين رئيس الجهمورية والرئيس التنفيذي، وقد بلغ هذا الخلاف في الأشهر الأخيرة درجةً غير مسبوقة.
يتناول هذا المقال إنجازات حكومة الوحدة الوطنية والتحديات التي أثرت عليها سلبياً.
إنجازات حكومة الوحدة الوطنية
الاتصال الاقتصادي الإقليمي؛ أحرزت حكومة الوحدة الوطنية في العامين الماضيين إنجازات في مجال الاتصال الاقتصادي على نطاق الإقليم. في شهر ديسمبر 2015 تم توقيع عقد مشروع (TAPI) من قِبل رؤساء الدول الأربع (تركمنستان – أفغانستان – باكستان – الهند)، ووفقاً لهذا المشروع يتم نقل الغاز المستخرج في تركمنستان عبر أرض أفغانستان إلى باكستان والهند.
تم توقيع عقد مشروع (CASA-1000) وهو مشروع لنقل 1300 ميقا واط من الطاقة من قرغيزستان وطاجيكستان إلى أفغانستان وباكستان مما يُعتبر جسر موصلا للطاقة بين آسيا الوسطى وجنوب آسيا. وقد تم افتتاح هذا المشروع رسمياً في أبريل/2016 بحضور رئيس الجمهورية.
وقد تم توقيع مذكرة التفاهم لمشروع (الحزام الواحد – الطريق الواحد) بين أفغانستان والصين في مارس/2016 وهكذا أصبحت أفغانستان جزءا من طريق الحرير الجديد الذين يصل الصين بآسيا الوسطى والشرق الأوسط وأفريقيا الشمالية وأوروبا.
في مجال حركة العبور الإقليمية تم توقيع عقد جابهار التجاري في مايو/2016 بين رؤساء الدول الثلاثة (أفغانستان، إيران والهند) في طهران. إضافة إلى ذلك بدأت حركة التبادل التجاري قبل نحو شهرٍ بين أفغانستان والصين عبر سكة الحديد التي تمر بطاجيكستان وكازاخستان.
المشاريع الاقتصادية داخل البلد؛ خلال العامين الماضيين افتُتحت بعض مشاريع البنية التحتية واكتملت بعضها. أحد هذه المشاريع مشروع سد سلما في ولاية هرات والذي أُنشئ بدعم من الهند. سعة إنتاج الطاقة لهذا المشروع تصل إلى 42 ميقا واط ويؤمن المشروع المياه لـ 40 ألف هكتار من الأراضي. وقد تم توقيع مذكرة تفاهم مع شركة تركية لتطوير سد (كجكي) بولاية هلمند حيث ستُضاف أربع توربينات جديدة وتزداد سعة توليد الطاقة من 51 ميقا واط إلى 151 ميقا واط. من جانبٍ آخر فإن الحكومة وقعت كذلك عقد إنشاء سد (بخش آباد) مع شركة إيطالية بولاية فراه و باكتمال هذا السد سيتم تزويد 104 ألف هكتار من أراضي ولاية فراه بالمياه وسيُنتج مقدار 27 ميقا واط من الطاقة.
زيادة دخل الحكومة؛ مع أن ازدياد الدخل في العامين الماضيين موضع نظر، إلا أنه كان لبعض التغييرات والتعديلات – مثل وضع ضريبة على رصيد الهاتف – تأثيرٌ في زيادة دخل الحكومة. واستطاعت حكومة أفغانستان للمرة الأولى خلال سنوات أن تحصل على دخلٍ أعلى من الدخل الذي تم تقديره مسبقاً.
الحصول على دعم المجتمع الدولي؛ قدمت حكومة أفغانستان أطروحاتها الإصلاحية بمؤتمر لندن 2014 والتي حظيت بترحيب حار من الدول الداعمة وأكدت 59 دولة على تعهدها بدعم أفغانستان. حصلت أفغانستان أيضا على دعم الناتو والدول الأوروبية بمؤتمر بروكسل، وتستعد الحكومة الآن لمؤتمر بروكسل الذي سيُعقد في الأسبوع الأول من أكتوبر، ولهذا الغرض حاول زعيما حكومة الوحدة الوطنية في الأشهر الأخيرة تقليل نقاط الخلاف الداخلي ومن هذا المنطلق وقعا اتفاقية مصالحة مع الحزب الإسلامي. يُعتبر دعم المجتمع الدولي مهما لدى الحكومة لتمويل القوات الأفغانية وبعض المشاريع التطويرية.
تطوير العلاقات العسكرية مع دول المنطقة؛ سعت حكومة الوحدة الوطنية من أجل توسيع العلاقات العسكرية مع الصين والهند و روسيا، وقد قدمت الصين والهند مساعدات في هذا الصدد، واشترت أفغانستان من روسيا مروحيات من طراز (إم 17) و (إم 35).
توقيع اتفاقية المصالحة مع الحزب الإسلامي؛ تم توقيع اتفاقية الصلح بين حكومة أفغانستان والحزب الإسلامي بزعامة حكمتيار في يوم الخميس 29/سبتمبر/2016 وطبقا للاتفاقية فإن الحزب يترك قتال الحكومة الأفغانية ومقابل ذلك تُحذف أسماء رئيس وأعضاء الحزب الإسلامي من القائمة السوداء لدى الأمم المتحدة ويتم إطلاق سراح سجناء الحزب السياسيين من معتَقلات أفغانستان. على الرغم من أن توقيع اتفاقية الصلح مع الحزب الإسلامي لن تؤثر كثيرا على الوضع الأمني والحرب الحالية بالبلد إلا أن هذه الاتفاقية تُعتبر إنجازا لحكومة أفغانستان.
التحديات والصعوبات في طريق حكومة الوحدة الوطنية
أزمة الشرعية؛ التحدي الأكبر الذي كان ومازال يواجه حكومة الوحدة الوطنية في العامين الماضيين هو أزمة المشروعية داخل النظام. تم تأسيس هذه الحكومة على ما يُخالف دستور الدولة وتم إيجاد منصب الرئيس التنفيذي الغير مذكور بالدستور. خلافا للوعود؛ لم يتم تعديل نظام الانتخابات، وتم كذلك تمديد مدة دورة مجلس النواب لسنة مما يُعد مخالفا لدستور البلد، وهناك عدد من الوزراء حصلوا على أصوات كافية – تم تنصيبهم كوزراء بناء عليها – من نواب البرلمان هذا العام . إضافة إلى ذلك فإن عدم عقد مجلس الشورى الوطنية الكبرى حسب ما دُوِّن باتفاقية الوحدة الوطنية فتح الطريق أمام تشكيل معارضة سياسية جديدة لحكومة الوحدة الوطنية.
الخلافات الداخلية وعدم التنسيق في آليات الحكومة؛ خلال العامين المنصرمين من عمر حكومة الوحدة الوطنية حصلت خلافات داخلية عميقة بين زعيمي الحكومة مما جعل مواقف رئيس الدولة والرئيس التنفيذي متباينة ومتناقضة. من أمثلة مواضع الخلاف في السياسة الخارجية بين زعيمي الحكومة: موقف الحكومة من اللاجئين الأفغان بأوروبا، وقضية مكافحة الفساد الإداري، وقضية الحرب باليمن والسعودية، ومن أمثلة مواطن الخلاف الداخلي: الخلاف حول تقدير وتكريم بعض كبار المسؤولين بالحكومة.
الوضع الأمني المتدهور؛ بعد تأسيس حكومة الوحدة الوطنية ساءت الحالة الأمنية بالبلد. في المرحلة الأولى شهدت البلد وخصوصاً مدينة كابل عدداً ملحوظاً من الانفجارات وكان من أخطرها الانفجار في منطقة شاه شهيد بكابل والهجمة المسلحة على القطاع رقم تسعة ومبنى وزارة الدفاع. أخذت تكتيكات جماعة طالبان العسكرية في التغيير وبدأت الجماعة بالسيطرة على المديريات والمدن المهمة. وصلت طائلة الحروب إلى شمال البلد وسقطت مديرياتٌ بيد طالبان، واستولى التنظيم على مدينة كندوز الاستراتيجية لأسبوعين.
ظهر تنظيم داعش في بعض الولايات ودخل التنظيم حربا مستعرة مع الحكومة في المناطق الشرقية بالبلد، وبالإضافة إلى ازدياد حدة الحرب في طول البلد وعرضها زاد عدد الضحايا في صفوف المدنيين بنسبة فاقت السنوات الماضية بسبب معارك خاضها مقاتلو التنظيم.
من جانبٍ آخر، وقعت حادثتان مهمتان أيضا، إحداهما إعلان وفاة مؤسس تنظيم طالبان وزعيمه الأول الملا محمد عمر، وثانيهما مقتل زعيم الحركة الملا أختر محمد منصور بباكستان.
الحالة الاقتصادية المتدهورة؛ خلال العامين المنصرمين من فترة حكومة الوحدة الوطنية ساءت الحالة الاقتصادية بالبلد مقارنة بالحالة الاقتصادية خلال عقد ونصف من الزمن، حيث نزلت قيمة العملة الأفغانية إلى أدنى مستوياتها وبلغت نسبة البطالة ذُروتَها وبدأت حالة من هروب رؤوس الأموال وقل النمو الاقتصادي.
هروب الشباب من البلد؛ تسببت الأوضاع الأمنية والاقتصادية المتردية في هجرة مئات الآلاف من الشباب إلى الدول الأوروبية. وهكذا ارتفعت وتيرة هجرة الأفغان إلى الدول الغربية في هذين العامين من فترة حكومة الوحدة الوطنية على نحوٍ غير مسبوق، ولجأ كثير من الشباب ذوي التأهيل العلمي والتخصص إلى أوروبا عبر طرقٍ تكتنفها الكثير من المخاطر.
عدم تطبيق الوعود؛ لم يستطع زعيما حكومة الوحدة الوطنية العمل بالوعود التي أبرموها قبل تشكُّل الحكومة وفي بداياتها. من هذه الوعود التي لم يُعمل بها: وعود ذُكرت ببيان مجموعة التحول والاستقرار الانتخابية (التي كان ناخبها أشرف غني) وكذلك الوعود المذكورة باتفاقية تشكيل حكومة الوحدة الوطنية.
المعارضة السياسية؛ واجهت حكومة الوحدة الوطنية خلال هذين العامين معارضات سياسية عديدة، وزادت هذه المعارضات إلى درجة جعلت معارضي الحكومة السياسيين ينشدون إسقاط النظام وتشكيل حكومة مؤقتة.
عدم ثقة المواطنين بالحكومة؛ حسب بعض الاستطلاعات فإن ثقة المواطنين في حكومة الوحدة الوطنية كانت في تنازلٍ شهراً بشهر. وفقا لاستطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية والإقليمية لعام 2015 فإن نسبة 78.76% من المواطنين أظهروا عدم ثقتهم وعدم اطمئنانهم حيال الحكومة والحالة العامة بالبلد، وجواباً على سؤالٍ آخر بالاستطلاع قال 69% من المواطنين أن إنجازات حكومة الوحدة الوطنية كانت ضئيلة خلال العام والنصف الماضي.
النهاية