لقد أثرت الخلافات الداخلية في الحكومة الائتلافية الأفغانية كثيرا على الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية للبلد. ومنذ تشكيل هذه الحكومة على أساس تقاسم السلطة مناصفة تامة ولدت الأزمة. حتى الآن وبعد مضي ما يقارب سبعة أشهر تزداد المشاكل يوما بعد يوم، وتتبدل الآمال يأسا.
وعود لم تتحق
لقد وعد الرئيس أشرف غني بأنه سيشكل حكومة عارية من الفساد، وسيختار وزراء مهرة خلال 45 يوما، وأنه يكافح الفساد الإداري، ويحل أزمة “بنك كابول”، التي ورثها من حكومة كرزاي.
ووعد أشرف غني خلال حملاته الانتخابية بأنه يُجري عملية السلام بطريقة جادة، لأن السلام برأيه كان من أهم أولويات أفغانستان من أجل الرقي والتخلص من الأوضاع المأساوية.
وفي اتفاقية تشكيل الحكومة الائتلافية بين الفريقين المنافسين تم التوافق على إصلاح لجنة الانتخابات وبعض ما فيها من القوانين والتي وفّرت الأرضية لحدوث الأزمة الانتخابية وأن يتم ذلك قبل إجراء الانتخابات البرلمانية.
الآن وبعد مضي سبعة أشهر من عمر الحكومة، لم يتحقق أي من هذه الوعود، وبعد كل يوم تزداد الفجوة بين الرئيس والرئيس التنفيذي. وقد أثرت هذه الحالة كثيرا على الأوضاع العامة للبلد.
الأمن
والخلاف على تعيين المسؤولين في مناصب أساسية وفي وزارة الدفاع، واستمرار الفوضى في أخذ القرارات سببت فشلا ذريعا في العمليات العسكرية.
وكانت العمليات العسكرية المسماة بـ”ذوالفقار”، في ولاية هلمند عمليات فاشلة تماما على حد قول نواب المجلس المحلي للولاية. كارثة بدخشان والتي استولت حركة طالبان على معسكرات للجيش، وقتلت كثيرا من الجنود الأفغان تدخل في إطار فشل الحكومة. ويرجع العامل الأبرز لهذه الأوضاع إلى الخلافات الموجودة بين الفريقين في الحكومة الائتلافية، إلا أن اللوم يوضع دوما على مسؤولين في المستويات الدنياء.
مكافحة الفساد
يبدو أن الفساد في الحكومة الائتلافية أصبح أكثر تفشيا من حكومة كرزاي. في ملف واحد وعلى أساس تحقيق بشأن عقود الوقود لوزارة الدفاع حدث ما يبلغ 200 مليون دولار من الاختلاس.
وأما وعود أشرف غني بأنه سيسترد المبالغ المسروقة إلى بنك كابول ذهبت أدراج الرياح، وانتهى الأمر بمحكمة مضحكة دعائية فقط.
وأما السبب الآخر لتفشي الفساد في هذه الحكومة هو أن كلا الفريقين يدافعان عن المتهمين الموالين لهما، ويمنعان عرضهم إلى المحاكم. وهذا التأيد يدفع إلى مزيد من الفساد مقارنة إلى الفساد في عهد كرزاي.
الأزمة الاقتصادية
عبر 13 سنة مضت، اعتاد الاقتصاد الأفغاني دعما أجنبيا بسبب حضور الأجانب. وعندما خرج جزء كبير من هذه القوات من أفغانستان، أصاب اقتصاد البلد نوع من العطل.
وأما تراجع العملة الأفغانية أمام العملة الأجنبية فيكون من شأنه أن يؤثر سلبا على حياة الناس، وتضطر الحكومة الأفغانية للحافظ على مكانة عملتها أن تستغل دخرها المالي المحدود.
وفي هذه الحالات أقدمت الحكومة على رفع مستوى الضرائب على القطاع الخاص، وهي ضرائب منقولة. إلا أن التجار لا يدفعون الضرائب المنقولة من جيوبهم بل يضيفونها على سعر الأمتعة، وهو ما يؤدي إلى غلاء في الأسواق.
مفاوضات السلام مع المعارضة المسلحة
وكان من أهم وعود قطعها أشرف غني على نفسه هو متابعة ملف المحادثات مع المعارضة المسلحة، وأما بعد توليه الحكم وعلى أساس أن حركة طالبان الأفغانية تحكمها باكستان توجه نحو باكستان. وهذه العملية التي كانت عليها أن تبدأ في بداية شهر مارس/آذار كما وعد الجانب الباكستاني لم تبدأ بعد. وأما حركة طالبان أيضا رفضت المفاوضات مع الحكومة الائتلافية عبر باكستان ووصل الملف إلى طريق مسدود.
الخلاف على الأفراد
لمرات عدة أصبح اختيار المسؤولين لمناصب حكومية موضع خلاف حاد بين أشرف غني وعبدالله عبدالله. ومع أن المفاوضة تُعتبر طريق حل كل مرة إلا أن ذلك ليس إلا ضياعا للوقت.
أصبح ملف لجنة الإصلاحات الانتخابية والتي تم التوافق على إحداثها في وثيقة تشكيل الحكومة الائتلافية موضع خلاف حاد بين الطرفين. ويشك الرئيس التنفيذي في نوايا الرئيس بشأن إصلاح الأمور.
بعد مضي سبعة أشهر من الحكومة، لم يتمكن الطرفان على إتمام الحقب الوزارية. وبعد عرض قائمة من المرشحين للبرلمان ظل منصب وزارة الدفاع شاغرا حتى اللحظة. في ظل عدم وجود وزير للدفاع وبدء فصل الربيع انطلقت حركة طالبان تنفذ عمليات واسعة أسفرت عن خسائر كبيرة في القوات الحكومية.
النتيجة
إن الأوضاع الأفغانية صعبة للغاية. ظهور مجموعات مسلحة أكثر تطرفا من طالبان هو الآخر جرس من أجراس الخطر وقد رنّ في البلد منذ فترة، اتسعت رقعة الأزمة الاقتصادية وقد يدفع الفقر الكثيرين إلى أن تجندهم تلك المجموعات.
وأما عملية السلام وهي من أهم أولويات البلد أصبحت دعائية فقط، انتشر الفساد في أرجاء البلد، وضعف الحكومة دفع أفغانستان إلى مرحلة حرجة.
يشعر الشعب بقلق شديد تجاه المستقبل. تدعي بعض المؤسسات الغربية بنشر إحصاءات باطلة بأن غالبية الشعب الأفغاني ترضى عن الوضع الحالي وتأمل مستقلبا جيدا. هذه الجهات تريد أن ترسل رسالة إلى شعوب البلدان الداعمة لأفغانستان بأن أموال ضرائبهم التي صُرفت في أفغانستان لم تذهب سدى. إلا أن حقيقة الأوضاع الأفغانية تقول بأن الشعب الأفغاني في ظل حكومة أشرف غني أسوء حالا من حكومة كرزاي.
النهاية