بعد مرور 50 يوما من خطف 31 مسافرا شيعيا من طريق ولاية زابل إلى كابول، تبقى الجهة التي قامت بالخطف مجهولة، كما وتبقى مطالب هذه الجهة غير معلومة.
وخلال هذه الفترة ادعى المسؤولون الأفغان بأنهم نفّذوا عمليات عسكرية في هذه الولاية، قُتل جرّائها ما يقارب مئة عنصر من المعارضة المسلحة في هذه الولاية، من دون أي أثر للمخطوفين. ويبقى السؤال الأساسي المتعلق بهذه القضية. من الذي قام بالخطف وماذا يريد؟
العمليات العسكرية في زابل
تحدث المسؤولون الأفغان بعد هذا الحادث عن تنفيذ عمليات عسكرية ضد تنظيم داعش بزعامة الملا عبدالله حقمل في زابل، وصرّحوا بأن حقمل قد يكون ضمن أسرى المعركة أو القتلى أو الجرحى. ولكن حقمل وفي حديث له مع إذاعة إيران باللغة البشتوية، في 9 من مارس/آذار رفض ذلك، وصرّح بأنه لم ينضم إلى صفوف داعش، وفيما رأى إمكانية لتواجد هذا التنظيم في ولاية زابل، أكد زعامته لحركة طالبان في هذه الولاية.
وأضاف حقمل بأن حركة طالبان لم تقف وراء حادث الخطف الأخير، وأنه سوف يستمر في معركته ضد القوات الأجنبية بزعامة الملا محمد عمر.
ويبدو من تصريحات حمقل بأن عمليات القوات الأفغانية لم تحدث خسائر في الجهة الخاطفة، لأن ذلك كان يؤدي إلى إحداث خسائر في المخطوفين أيضا.
شائعة أخرى
وفي هذه المعمعة ظهر اسم زعيم آخر لحركة طالبان والذي قد اعتزل الحروب وهو الملا منصور دادالله بأنه أصبح زعيما لتنظيم داعش في أفغانستان.
إلا أن الأخير أيضا وفي 3 من إبريل/نيسان رفض ذلك في حديث مع إذاعة إيران البشتوية. وأضاف بأن هذه الشائعات تقوم بنشرها وسائل الإعلام التابعة لأمريكا. وأكد منصور قائلا: “إنني لن أترك حركة طالبان أبدا، وسأبقى وأموت طالبا”.
وأضاف: “ليس لتنظيم داعش أي مكان في أفغانستان، لأننا جميعا نقاتل القوات الأجنبية المحتلة تحت زعامة الملا محمد عمر، وما دامت القوات الأجنبية موجودة في أفغانستان فإننا لا نشارك في أي عملية للسلام”.
الملا منصور هو أخو الملا داد الله القيادي المشهور في الحركة، عزله الملا محمد عمر من زعامة الحركة في ولاية هلمند قبل سنوات بعد لقائه مع “مايكل سمبل”، ألقي عليه القبض في باكستان وسُجن لخمس سنوات، أطلق سراحه السنة الماضية.
وعن أسباب مغادرته لباكستان قال الملا منصور داد الله بأن المخابرات الباكستانية كانت تطلب مني مطالب تخالف مصالح بلدي فرفضتها وغادرت باكستان، ورجعت إلى أفغانستان لأقاتل إلى جانب الإخوة ضد القوات الأجنبية.
أين هو تنظيم داعش؟
قامت حركة طالبان إبّان حكمها على أفغانستان بتوفير الإيواء لمقاتلين أجانب، توجهوا بعد سقوط حكم طالبان إلى مناطق قبلية عبر خط ديوراند، وخاصة في وزيرستان الشمالية.
حدثت عام 2006م، قتال بين مقاتلي حركة أزبكستان الإسلامية وحركة طالبان الباكستانية بزعامة كل بهادر في وزيرستان الشمالية. حينها أمر الملا محمد عمر بيت الله محسود أن يوفر ملاذا لمقاتلي حركة أزبكستان الإسلامية في المناطق الخاضعة لسيطرته. على إثر ذلك توجه عدد من هؤلاء مع أسرهم إلى مديرية “داي جوبان”، و”خاك أفغان”، في ولاية زابل الأفغانية. ولكن تغيير السياسة لدى حركة طالبان وانصرافها من الجهاد العالمي أفقد الأمل من هؤلاء.
أحدثت حركة طالبان بعد عام 2001م، تغييرات في خططها، كان منها الانصراف من الجهاد العالمي. وبالفعل قامت الحركة بحصر أنشطتها القتالية في أفغانستان.
وبعد أن أعلن أبوبكر البغدادي تأسيس الدولة الإسلامية وأعلن خلافته، كان جليا بأن هذه المجموعات المقاتلة في أفغانستان ترى إلى ذلك بأمل كبير، واليوم هذه المجموعات بايعت تنظيم داعش.
نُشرت أخبار كثيرة حول تواجد داعش في مناطق مختلفة من أفغانستان. وتصاعدت هذه الأخبار مع زيارة الرئيس الأفغاني إلى مؤتمر مونيخ والذي كانت يبحث أزمة داعش في العالم. وكان من شأن هذه الشائعات أن تجلب دعما دوليا لأفغانستان.
من جهة أخرى رفع تنظيم داعش خطوة نحو التواجد في أفغانستان، فاختار حافظ سعيد أميرا لأفغانستان والملا عبدالرؤف نائبا له، وبعد هذا الإعلان أصبح الملا عبدالرؤف تحت ضغط من حركة طالبان في ولاية هلمند، ولكنه لقي مصرعه في مطلع فبراير/شبّاط 2015 في هذه الولاية على إثر هجوم نفّذته طائرة أمريكية بلا طيّار.
التيه والقلق
وأما بشأن ملف الخطف، قال محمد محقق النائب الأول للرئيس الأفغاني بأن 31 مسافرا خطفهم تنظيم داعش بزعامة منصور داد الله والملا عبدالله حقمل. يُعتبر محقق من رموز الحكومة الحالية، ويكون قد حصل على هذه المعلومات من المصادر الأولية لدى الحكومة. فإن كان ذلك واقعا، يبدو أن المصادر الأمنية العليا ليست لديها معلومات دقيقة حول الأمور.
شيء آخر، وهو أن وسائل الإعلام نشرت أنباء تفيد أن المسؤولين المحليين في ولاية زابل تواصلوا مع الخاطفين عبر وجهاء القوم. وفيما كان ذلك واقعا فقد تكون مطالب الخاطفين ظاهرة. ويمكن عبر ذلك أن ندرك هويتهم، إلا أن المسؤولين الأفغان لم يظهروا أي شيء بشان مطالب الخاطفين وهو أمر وضع أسر المخطوفين في وضع قلق.
أين المخطوفين؟
هو سؤال مهم للغاية، ليس لدى أحد جواب له، كما ولم تتحدث حركة طالبان حوله. قامت حركة طالبان بعد الحادث بإصدار بيان أنكرت فيه أن يكون لها أي دور في الحادث أو أن يكون على معرفة بمكان المخطوفين.
إن هذا الموقف من قبل حركة طالبان يضيف غموضا في الأمر، لأن إخفاء 31 مخطوفا في مناطق خاضعة للحركة، ليس أمرا سهلا وخاصة إذا ما يتم توزيع المخطوفين تحت مجموعات صغيرة هنا وهناك، سيصل أمرهم إلى الحركة حتما. لأن حركة طالبان ومن أجل سد الفعاليات الاستخبارية الحكومية، تعير اهتماما كبيرا بتواجد أفراد مجهولين في مناطقها.
ويُحتمل أن يكون المقاتلون الأجانب هم الذين خطفوا 31 مسافرا، وسجنوهم في ملاذات جبلية بعيدا عن المناطق السكنية. وهناك شائعة تقول إن الحكومة الأفغانية اعتقلت نساء وأطفال، من أسر المقاتلين الأجانب المبايعين مع داعش، كانوا يتنقلون عبر طرق رسمية تحت سيطرة الحكومة، والآن تطلب هذه المجموعة من الحكومة الأفغانية أن تطلق سراح النساء والأطفال إزاء إطلاق سراح 31 مسافرا، إلا أن الحكومة الأفغانية لا تكشف ذلك.
النهاية