ذاکر جلالي
استؤنفت المفاوضات الإستراتيجية بين أمريكا و باكستان يوم الإثنين الماضي. ينوب عن الطرف الباكستاني في هذه المفاوضات المستشار السياسي و الأمني لهذا البلد، و ينوب الطرف الأمريكي الوزير الخارجي الأمركي (جون كيري).
قال جون كيري في اليوم الأول من المفاوضات، أنه يأمل أن يرى باكستان بين (النمور الأسيوية). و يطلق هذا الإسم علي الدول الأسيوية التي أنجزوا تقدمات ملحوظة في مجال الإقتصاد في الأونة الأخيرة مثل (هانكنك، سنغابورة، تايوان، الكوريا الجنوبية).
الحوادث التي وقت قبل ثلاث سنوات في 2011 أدى إلى التوتر الشديد في العلاقات بين أمريكا و باكستان، قتل ثلاثة باكستانيين في مدينة لاهور على يد (ريمون ديوس) عميل الإستخبارات الأمركية في يناير 2011، الهجوم على مسكن أسامة بن لادن في 3 من شهر مايو، و قتل 15 من جنود باكستانيين في غارة أمريكية على الحدود الباكستانية في شهر أكتوبر من هذا العام، هي من أهم الحوادث اللتي أثرت في تأخير المفاوضات الإستراتيجية بين أمريكا و باكستان.
سرتاج عزيز دبلوماسي محنك و لديه مطالب أكثر من السابق لأنه يعلم جيدا مدي أهمية بلده لأمريكا، فقد قال سرتاج عزيز أنه يريد تحويل العلاقت بين البلدين من الحالة (التجارية) إلى مشاركة دائمة تغير نظرة أمريكا لباكستان من منظر الإرهاب و القضية الأفغانية. لقد أوضح عزيز عن قلقات بلده قائلا: (أنا واثق تماما بأنكم توافقونني أن الأمن القومي لباكستان وقع تحت التجاهل لما خرجت أمريكا من المنقطة في عام 1991 و كذلك لما عاد في المنطقة عام 2001) وانتقد عزيز الأمريكان بأنهم لم يأخذوا قلق بلده تجاه الهند بجدية. كما طلب عزيز من الأمريكان إيجاد الثقة المتبادلة في كل المستويات و كافة المجالات. وقال المستشار الأمني القومي الباكستاني صراحة: “لا بد من وضع نقطة الختام لحرب أفغانستان بشكل مسؤول ويجب عدم تكرار أخطاء الماضي.”
لمشابهة الأوضاح الحالي بسنة 1991، أصحبت باكستان ذات أهمية ملحوظة في السياسات الخارجية الأمريكية، معظم القوات أمركية المستقرة في أفغانستان ستغادر هذا البلد إلى آخر هذا العام الميلادي، الطرق التي تمتد عبر باكستان تعتبر أرخص و أسهل الطرق لنقل المعدات و التجهيزات اللتي تريد أمريكا حملها من أفغانستان، هذه المسألة تعبر ذات أهمية لباكستان، وكما قال سرتاج عزيز؛ ستترك أمريكا فراغا في المنطقة بعد خروجها. لذا تريد باكستان كي تحصل على ثقة أمريكا لتلعب دورها في ملئ هذا الفراغ.
الآراء العامة في باكستان و حكومة حزب الإنصاف لعمران خان في ولاية خيبر بختونخوا اللتي اتخذت موقفا مناضها لأمريكا، و كذلك خروج القوات الأمريكية في حالة خاسرة، من العوامل التي أجبرت أمريكا لتبدأ الحوار الاستراتيجي مع باكستان. تحاول أمريكا في هذه المرحلة من المفاضات أن تخرج معداته و تجهيزاته العسكرية عبر الأراضي الباكستانية عن طريق إعطاء بعض الإمتيازات لباكستان. يدرك سرتاج عزيز من الجانب الباكستاني أن دور بلده الحالي ذات أهمية بالغة و يعرف تماما أن هذه أفضل فرصة لأخذ الامتيازات من أمريكا، لذا يطرح مطالبه بالجرأة و الجدية الكاملة.
تعتبر حزب نواز شريف الأقرب إلى أمريكا بالنسبة من عمران خان حاليا في باكستان، كما يخوض حربا ضد طالبان، هذا الموقف ربما يؤثر سلبيا على شعبية هذا الحزب، لذا تحاول حكومة نواز شريف بأن تحصل على المساعدات الأمريكية في مجالات الطاقة والأمن و الدفاع و سيادة القانون و الاقتصاد عن طريق استئناف المفاوضات الإستراتيجية، و بذلك تستطيع أن تحول الآراء العامة لصالحها.
هنا مسألة مهمه تجذب الإنتباه، موضوع الإتفاقية الأمنية والدفاعية بين أمريكا و أفغاستان ساخن في هذه الأيام. يستدل المدافعون عن الاتفاقية أن إعطاء أمريكا القواعد العسكرية الدائمة مهمة بالنسبة لنا لأن الجيران هم من يهددون أمننا. و هذا يعني أن اللعبة الحاكمة علي العلاقات بين أفغانستان و باكستان هي «zero-sum game» و يطلق هذا المصطلح في العلاقات الدولية على حالة تكون مصالح دولة على حساب الإضرار بالأخرى. حاليا كل الصفقات الأفغانية مع أمريكا تعتبر علي حساب باكستان و كذلك الصفقات الباكستانية مع أمريكا على حساب أفغانستان. لذلك تنتفي المفاوضات الاستراتيجية في مجالات مختلفة مع باكستان ضرورة اتفاقية الأمنیة مع أفغانستان.
الاتفاقية التي تناقش مع أفغانستان هي مجرد ألفاظ ووعود بالكلمات التي لا تحمل أية ضمانات، و إذا كانت باكستان الحليف الموثوق لأمريكا في المنطقة، فما هي ضرورة الاتفاقية مع أفغانستان؟