سافر الرئيس الأفغاني حامد كرزاي إلى الهند كنظرائه من الدول الأعضاء في “منظمة سارك” للمشاركة في حفلة فوز نريندرا مودي رئيس الوزراء الهندي الجديد. تأتي هذه الزيارة بعيد هجوم مسلح وقع في ولاية هرات على القنصلية الهندية، ومن الطبيعي أن يكون لهذا الهجوم تأثيره على الزيارة. ناقش قسم التحليل في مركز الدراسات الاستراتيجية والإقليمية ما جاء في حوار أجرته الصحيفة الهندية “دي تايم” مع الرئيس الأفغاني في هذه الزيارة:
حوار كرزاي مع صحيفة “دي تايم” والسياسة المزدوجة
صرح الرئس الأفغاني حامد كرزاي في حواره مع الصحيفة قائلا: “… لقد أعطتني المخابرات الغربية أرقام هواتف المهاجمين، هم ذكروا لي اسم لشكر طيبه…”. ثم أضاف السيد كرزاي: “… ولكنني لا استطيع القول بأن المؤسسات الأمنية الباكستانية شاركت في تنفيذ الهجوم”. يطلب الرئيس الأفغاني من الجانب الباكستاني أن يمنع حدوث مثل هذه الهجمات. ومع ذلك لدى السيد كرزاي تحفظ تجاه نظرية تقول بأن باكستان لها صلة بالهجوم، وقد تحدث عن النية الحسنة لرئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف تجاه أفغانستان والهند. وفي هذا الحوار كرر الرئيس الأفغاني بأنه لن يحل المنطقة الأمن والاستقرار دون مساعدة باكستانية.
نظرا لانعدام سياسة علمية منطقية مدونة قابلت قابل الحكومة الأفغانية في 13 سنة مضت صعوبات جمة في السياسة الخارجية. وقد حمل الأمر وزير الخارجية البريطاني “جيك استرا” على القول بأن كرزاي “يتحدث نزولا عند رغبة المجالس!” ويبدو أن السيد استرا عرف كرزاي جيدا.
فيما حاز حوار الرئيس الأفغاني مع صحيفة “دي تايم” اهتمام الشعب الهندي وحكومتهم، لا يأتي النقد على السيد كرزاي لأنه أفرح الهنود ولكن المشكلة تكمن في انعدام سياسة خارجية منطقية محددة لدى الجانب الأفغاني كي ترعى مصالح الأفغان نظرا لاحتياجاتهم. والمشكلة أن الرئيس الأفغاني حسب عادته ينسى سريعا ما قاله في الهند ويمكن أن يأخذ موقفا يتباين وربما يناوي موقفه الحالي. هذا ما فعله كرزاي مرارا في 13 سنة خلت. عندما يلتقي السيد كرزاي مع قناة “جيو” الباكستانية يصرح للباكستانيين بأنه سيقف إلى جانبهم لو حدثت حرب بين باكستان مع أية دولة أخرى حتى وإن كانت هذه الدولة أمريكا! ليس من الصعب فحسب بل هذا مستحيل للسيد كرزاي أن يبني علاقات جيدة حميمة مع الهند وباكستان في نفس الوقت. وإذا كان ذلك مستحيلا فليس من المستحيل أن يميل كل الميل إلى جانب دون جانب. لو نقبل تحليل السيد كرزاي بخصوص دور باكستان وبأنه دور حيوي في إحلال الأمن في المنطقة –وهو أمر ترفضه المعطيات الأرضية- فإن ما مضى من موقفه يخالف المصالح الأفغانية العليا. إن السيد كزراي أنهى حواره مع الصيحفة الهندية مؤكدا أهمية الدور الباكستاني في إحلال السلام في المنطقة وهو دور لا يقدمه الجانب الباكستاني مجانا للأفغان.
إن كان السيد كرزاي يرى حقا أن عملية محادثات السلام مع حركة طالبان لا تجدي نفع دون انخراط الدور الباكستاني فيها، فإن باكستان لها تأثير كبير في الاضطرابات الأفغانية وبالتالي لا ينبغي للحكومة الأفغانية أن تميل إلى دولة تبلغ من العدواة مع باكستان كل البملغ وهي الهند.
في 13 سنة مضت كان الموقف الأفغاني مترددا بين اعتبار الدور الباكستاني حيويا وذا أهمية بالغة وبين الهجوم على باكستان، وهذه السياسة المترددة المزدوجة ليس من شأنها أن تحصل على الصداقة المعتمدة الباكستانية ولا على الصداقة الاستراتيجية الهندية. النهاية
الکاتب: ذاکر جلالي