ذاکر جلالي، المحلل السیاسي
انتقد الرئيس الأفغاني حامد كرزاي الولایات المتحدة مرة أخري في مقابلة له مع الصحيفة البريطانية (تلغراف) الأسبوع الماضي. قال السيد كرزاي أنه لا يرى خيراً في الوجود الأمريكي في أفغانستان الذي دام عقد من الزمن. كما أنه وصف طالبان بالإخوة و الأمريكان بالمنافسين. و قال أنه لم يتكلم مع السيد أوباما منذ سبعة شهور وكان آخر لقاء بينهم في حفل تأبين مانديلا.
كما اشتكى الرئيس كرزاي من أمريكا قبل هذه المقابلة في القصر الرئاسي و قارن وضعه مع الأمير عبدالرحمن الذي اجبره البرطانيون على توقيع معاهدة ديورند في عام 1893 مـ. قال السيد كرزاي: “أنا أواجه الضغوط المماثلة لأمير عبدالرحمن خان”.
انعكست مقابلة الرئيس كرزاي مع صحفية “تلغراف” في الإعلام بشكل واسع، كما نشرت الإعلام الأمريكية بعدها تقريرا يقول أن كرزاي أجرت اتصالات خفية مع طالبان. في حال يصف طالبان هذا الخبر جزء من الدعاية الغربية و يكذبون اجراء أي تفاوض مع كرزاي.
يبدو من المقابلة و المواقف الأخرية أن الرئيس كرزاي لن يوقع الإتفاقية الاستراتيجية مع أمريكا التي تعطي وفقها 9 قواعد عسكرية لأمريكا في أفغانستان. كما انقطع طمع الغربيون من الرئيس أن يوقع هذه الإتفاقية، لذا فإنه تحت ضغوط كبيرة لأن الإعلام الغربي من جانب و الإعلام الداخلي التي تعتبر تبعا للغرب من جانب آخر يواجهونه بدعايات و نشر الإشاعات الخاطئة.
ماذا يكون جواب هؤلاء الخبراء! لكارثة “غوربند” (قتل خلالها عدد من النساء و الأطفال في الهجوم الأمريكي على المدنيين) إذا كان قد تم توقيع الإتفاقية الأمنية بناءا على اصرارهم؟ أوضحت الوقائع الأخرية للرئيس كرزاي بأن لا يوقع على الإتفاقية و أن يقف صامدا على موقفه.
حاول الرئيس كرزاي أن يعطي الضوء الأخضر لطالبان خلال مقابلته مع صحفية “تلغراف” كي يجلسوا معه على طاولة التفاوض. ولكن يشك طالبان على قدرة و إمكانية كرزاي لطبيق علمية السلام، وليسوا مطمئنين على مدي قدرة كرزاي بتطبيق شروطهم إذا جلسوا على طاولة التفاوض معه و أبدوا شروطهم له.
تكمن المشكلة الأصلية هنا أن الرئيس كرزاي اعتقد سابقا أن أفغانستان ستنهار دون المشاركة و الصداقة الإستراتيجية مع أمريكا (التي لم تكن صداقة و لا استراتيجية). تجاهل كرزاي كثير من المظالم الأمريكية و تحلى بالصبر أمها ولما وصلت العلاقات بين الطرفين إلى أدنى مستواياتها، يعبر كرزاي عن آلامه و يريد أن يخاطب شعبه بخلوص و يخبرهم بما يجري. وصل الحال إلى الرئيس أنه نفد صبره و يريد أن يوضح كل التهم التي وجهت إليه في أخر شهرين من حكمه و يريد أن يخبر الشعب بكل ما يجري. ربما يكون هذا هو السبب لما نشاهده من دعم عامة الشعب الأفغاني و بالأخص المعارضة لمواقف الرئيس كرزاي بشكل ما.