يحتفل العالم بيوم العمال الذي يحل كل عام في الأول من شهر مايو، وفي الوقت ذاته فإن الحصول على عمل شريف ومستمر هو غاية أماني العامل الأفغاني.
تم الاحتفال بيوم العمال في وطننا الغالي في حين تصل نسبة المؤهلين للعمل بين السكان نحو 49.66% ، وفي داخل هذه المجموعة فإن نسبة 30.7% من الشباب عاطلون عن العمل. كما أن تقرير الإدارة الوطنية للإحصاء المتعلق بنسبة الفقر في أفغانستان تفيد أن نسبة 51.7% من الشعب الأفغاني يعيشون حالة فقر متعددة الأبعاد، وفي مسحها الاستقصائي الذي أجرته بدعم من معهد ICON العام الماضي أعلنت أن نسبة 54.5% من الشعب الأفغاني يعيشون تحت خط الفقر.
سنناقش في هذه المقالة تاريخ يوم العمال والوضع الحالي للعمل والعمال في أفغانستان.
تاريخ يوم العمال العالمي
يوم العمال العالمي أحد الأيام المُحتفل بها رسميا حول العالم ويرجع تاريخها إلى قبل 133 سنة. في الأول من شهر مايو من عام 1886م خرج العمال الأمريكيون إلى الشوارع في مدينة شيكاغو وكانوا يطالبون بتقليل ساعات عملهم من 14 ساعة إلى 8 ساعات مع مطالبات بتحسين ظروف عملهم، وقد أبدت الشرطة الأمريكية مواجهة شديدة لهذه المظاهرات وقُتل وسجن عدد من المتظاهرين.بعد حادثة شيكاغو بــ 33 سنة وتحديدا على حاشية معاهدة فرساي تم تأسيس منظمة العمل الدولية كإحدى منظمات الأمم المتحدة، ووفق الاتفاقية المنعقدة بين منظمة العمل الدولية وهيئة الأمم المتحدة في عام 1946م تم تحديد حقوق الأيدي البشرية العاملة. قبل ذلك، اقترح مندوب العمال الأمريكي عام 1889م عقد المؤتمر العالمي للعمال في باريس عاصمة فرنسا، مما مهّد لتعيين الأول من شهر مايو يومَ العمال العالمي وصار يُحتفل بهذا اليوم في كافة أنحاء العالم.
أما في أفغانستان حيث هناك القليل من المصانع والقليل من العمال مقارنة بالدول الأخرى فلم تُؤسس منذ القدم مجامع ونقابات العمال على مستوى كبير كما لم يُحتفل بيوم العمال كما هو السائد في بقية الدول. رغم أنه كانت تُعقد محافل رسمية في مثل هذا اليوم في فترة الحكومة الاشتراكية بأفغانستان إلا أن وضع العمال لم يتحسن حينها وتم الزج بعدد كبير من العمال والفلاحين في السجون – كغيرهم من بقية فئات الشعب الأفغاني – أو تم تصفيتهم تحت ذريعة القضاء على الانقلابيين. من الحوادث الجديرة بالذكر في هذا الصدد إضراب عمال مصنع جُلبهار للنسيج عام 1965 م عن الطعام لمدة أربعين يوما وانتهى الإضراب باعتقال قادة العمال، وكذلك مظاهرة العمال عام 1974 م في دوار (بلازا – كابل) في الأول من مايو والذي تم باسم ثورة المظلومين على المستبدين. أبرز فترات ظهور أحزاب العمال في أفغانستان كانت بعد شهر ابریل من عام 1978 م حيث أن مفاهيم العمل والعمال ونقابات العمال دبت إلى أدبيات البلد الاجتماعية والسياسية وتبلورت على شكل تكتلات تطالب بحقوق العمال.
العمل والعمال في قوانين أفغانستان
رغم أن قوانين العمل في أفغانستان تضمنت جميع حقوق وامتيازات العمال، إلا أن التدهور الأمني وضعف النمو الاقتصادي وهشاشة الوضع السياسي وسوء إدارة قطاع التوظيف والعمل عواملُ تدفع بالعمال في أفغانستان إلى أن يقبلوا بالانتهاكات القانونية التي تصدر عن المسؤولين في قطاع التوظيف وإلا فليس أمامهم إلا المخاطرة بالهجرة إلى الدول الأخرى عبر الطرق غير الآمنة من أجل الحصول على فرصة عمل.
تفيد المادة رقم 11 من قانون العمل أن ” من حق العمال في المجالات الاقتصادية والاجتماعية تأمين حقوقهم الصحية والأمنية وحقوق الإنتاج وتعلم الحِرف وتطوير المهارات العملية والتخصصية والحصول على حقوق التأمين”، في حين أن نسبة 44% من القوة العاملة في أفغانستان يعملون في الزراعة ويجنون دخلهم باستخدام وسائل بدائية مثل المعول والمجرفة. وفي الوقت ذاته تفيد تصريحات وكيل إدارة الإحصاء الوطنية بأن نحو 2.7 مليون طفل مشغولون بالأعمال الشاقة. تفيد المادتان رقم 59 و 64 من قانون العمل بأنه ينبغي دفع أجرة العامل دون تأخير وعلى أساس كم ونوع العمل ورتبة العامل ودون أي نوع من أنواع التمييز، ومع ذلك يوجد عمال في أفغانستان حاصلون على الشهادة الجامعية (البكالوريوس) وأجرتهم اليومية في حدود 150 أفغاني (دولاران) ويعملون في القطاع الخاص، كما أنهم لا يحصلون على رواتبهم المحدودة في الوقت المتفق عليه. علاوة على هذا فهناك العشرات من العمال يحتشدون في تقاطعات الطرق العامة في العاصمة والمحافظات بأمل العثور على عمل، إلا أن الفرص قد لا تتوفر دائما، وكثيرا ما يرجعون لمنازلهم بأيدي خاوية.
ورد في المادتين رقم 14 و 101 من قانون العمل في أفغانستان أن من اللازم كتابة عقد عمل بين صاحب العمل والعامل، وعلى العامل أن يُنجز العمل المطلوب لقاء أجرة معينة في المدة المطلوبة سواء كانت محدودة أو غير محدودة، كما أن بالإمكان إنهاء العقد في حالة الغياب المستمر لمدة 20 يوما متعاقبا دون أعذار مبيحة، كما يُمكن تبديل العامل أو فسخ العقد وفقد البنود رقم 3 و 4 و 5 من المادة رقم 95 على أن لا يتكرر ذلك أكثر من مرتين في العام. في حين أن الأعمال في القطاع الخاص غالبا ما تفتقد للعقد الخطي، وفي حال وجود العقد فغالبا ما يكون لصالح طرف واحد من المتعاقديْن. وهكذا فإن العامل في أفغانستان يفتقد لأدنى حقوق أمن العمل واستمراره، ومتى ما يرغب صاحب العمل فإنه يستطيع أن يطرد عامله ويستبدل عاملاً آخر به.
حسب تصريحات المسؤولين في قطاع التوظيف فإن حكومة أفغانستان منذ عام 1934م حتى تاريخه وقّعت 19 ميثاقا دوليا حول العمل، ومع ذلك فهناك نحو مليونيْ نسمة عاطلون عن العمل، كما أن هناك عدد كبير من المؤهلين الجدد للعمل يُقدرون بنحو 400 ألف شخص يدخلون سوق العمل كل عام.
مقترحات
• أهم مشكلة في قطاع العمل والعمال هو ارتفاع معدل العطالة وانعدام فرص العمل للشباب، لذا على الحكومة أن تُحدث فرص عمل للمواطنين في مشاريع إنشاء البنى التحتية مثل إنشاء السدود أو إصلاح وتطوير القطاع الزراعي والقطاع الخاص وكذلك التمهيد لاستخراج المعادن المتوفرة في البلد.
• على الحكومة أن تنظم برامج لإرسال العمال إلى الدول الصديقة لتقوية اقتصاد البلد من خلال رواتب العمال التي تدخل في عجلة اقتصاد أفغانستان، وكذلك للتخفيف من حدة العطالة.
• كما على الحكومة أن تهتم بتحسين شروط العمل وحقوق العمال في القطاع الخاص لسد طريق استغلال أصحاب العمل ضعفَ عمالهم.
• إحداث مبادرات لتعليم المهارات والحرف من قبل الحكومة لرفع كفاءة العمال وحثهم على الإبداع في مجالاتهم.
• في الوقت الحاضر لا تحظى القضايا المرتبطة بالعمل والعمال بكبير اهتمام من قبل وسائل الإعلام وخصوصا القنوات التلفازية، لذا من الضروري أن تهتم وسائل الإعلام بقضايا العمال وحصولهم على حقوقهم وأن تعكس أهمية انتقال هذه الحقوق من طور الشعارات والتقنين إلى طور التنفيذ والتطبيق