أعلنت الإدارة الوطنية للامتحانات انتهاء إجراءات امتحان القدرات (الكانكور) لطلاب السنة الدراسية المنصرمة بتاريخ 10 يوليو/2019.
امتحان الكانكور مرحلة يمر بها صناع مستقبل البلد ليصلوا بعد اجتيازها إلى أهدافهم في خدمة المجمتع. يرجع تاريخ هذا الامتحان إلى أكثر من 8 عقود حيث كان في الأوائل يتم إجراءه بشكل مبسط للغاية، ومنذ حوالي سنتين تم تطوير نظام الامتحان وفق التقنيات الحديثة مما يسر إلى قدر كبير الحدَّ من الغش والفساد في نتائج الامتحان.
في هذا المقال سنلقي إطلالة على امتحان الكانكور المنعقد في العام الجاري، وسنقيم مدى ثقة الشعب في الامتحان، كما سنسلط الضوء على أوضاع التعليم العالي في البلد وما يواجهه من تحديات وفرص.
امتحان الكانكور 2018
بدأت امتحانات الكانكور لطلاب السنة الدارسية 2019 في السابع من شهر حمل هذا العام 2019 في ولايات خوست ولوجر و بكتيا و كُنر، كما عُقد آخر الامتحانات في كابل بتاريخ 28/يونيو/2019م، حيث تم إعلان انتهائه بعد وقفة استمرت لعشرة أيام.
شارك في الامتحان نحو 174871 طالب وطالبة وقد قُبل منهم في مراكز التعليم الجامعي عدد 61799 طالب، وقُبل عدد 15130 طالب في الدبلوم التخصصي – سنتين بعد الثانوية– كما أُعلن رسوب عدد 20224 طالب وطالبة.
وقد شاركت حوالي 70 ألف طالبة في الامتحان المذكور، والبقية من الذكور. وجدير بالذكر أن عدد الطالبات المشاركات في امتحان العام الماضي بلغ 48 ألف طالبة و كان عدد الطلاب الذكور 91600 طالب.
وقد اتخذت حكومة الوحدة الوطنية خطوات مؤثرة حيال إضفاء الشفافية على مراحل الامتحان وقد نجحت إلى حدٍ ملحوظ. إلا أننا إذا تجاوزنا مرحلة الامتحان فسنجد أن مراكز التعليم الجامعي بأفغانستان تواجه تحدياتٍ صعبة.
مدى ثقة الشعب في امتحان الكانكور
اجتياز امتحان الكانكور كان ومازال البوابة الوحيدة للالتحاق بالجامعات الحكومية في أفغانستان. ويُعد هذا الامتحان مصيريا لخريجي الثانوية الذين يرغبون في متابعة أهدافهم الدراسية.
في مدة 18 سنة التي مضت تأثر هذا القطاع بالفساد مثل القطاعات الأخرى. وقد وُجدت مشاكل تسببت في عدم ثقة الشعب بالامتحان منها: الفساد في تشكيلة لجان الامتحان، وعدم مطابقة الأسئلة للمعايير العلمية، وتدخل ذوي النفوذ في نتائج الامتحان، والمشاركة في الامتحان بهوية أشخاص آخرين.
من الإنجازات التي حققتها حكومة الوحدة الوطنية إضفاء الشفافية على امتحان الكانكور ومنع الفساد المستشري في مراحله، وقد تم الاستفادة من بعض الأجهزة الإلكترونية لأجل ذلك، وتم تفعيل نظام يطبع الأسئلة لكل تلميذ بترتيب خاص مع تسجيل لاسم الطالب على ورقته.
ويحكي المشاركون في الاختبار عن نزاهة تامة في مراحل الاختبار، حيث أن بصمات الطلاب تُسجل لدى الوزارة وقد ساعد ذلك على منع إمكانية أن يختبر الشخص بهوية غيره أو يغش أو أن يتم تسريب الأسئلة قبل بدء الاختبار.
وضع التعليم الجامعي
قبل 87 عاما بالتحديد في أكتوبر/1932 تم تأسيس كلية الطب في كابل بمساعدة متخصصين من دولة تركيا، وبذلك وُضع حجر الأساس للتعليم العالي في أفغانستان.
بعد عام 2001 ومع قدوم النظام الجديد إلى أفغانستان طرأت على التعليم العالي تغييرات عديدة. توجد حاليا في أفغانستان 36 جامعة حكومية و 139 جامعة أهلية ويدرس بها نحو 300 ألف طالب وطالبة ويتم إدارة هذه المراكز التعليمية من قِبل وزارة التعليم العالي. مع إنفاق مليارات الدولارات على هذا القطاع في مدة 18 سنة الماضية إلا أن التعليم العالي مازال يواجه مشاكل عديدة من ناحية الجودة، ولم تطرأ التغييرات الإيجابية على النحو المفترض.
بشكل كلي فإن الحروب والتدهورات الأمنية قد أضرت بهذا القطاع مثل بقية القطاعات، ولكي نكون أكثر تحديدا فسنذكر في ما يلي العوامل التي خلقت تحديات كثيرة تعترض طريق التعليم العالي في أفغانستان:
- عدم وجود إستراتيجية للتعليم العالي بأفغانستان وفق المعايير المعترف بها.
- ضعف إدارة قطاع التعليم العالي.
- عدم وجود الكوادر المتخصصة والأكاديمية.
- قدم المنهج التعليمي وعدم مواكبته لاحتياجات العصر.
- وجود الفساد في مراكز التعليم العالي وضعف الرقابة.
- عدم وجود الأجهزة والمعامل الحديثة في مراكز التعليم العالي.
- قلة الدراسات البحثية وعدم وجود البنية التحتية المساعدة على البحث العلمي.
وقد تسببت الصعوبات المذكورة في أن يُصبح خريجو الجامعات عبئا على المجتمع ومصدر قلق بدلا عن أن يتولوا قيادته نحو الأفضل.
خريجو الجامعات يعانون من البطالة
يُشكل الشباب نسبة 45% من سكان أفغانستان مما يجعل بلد أفغانستان بلدا شابا؛ إلا أننا إذا قارنّا وضع هؤلاء الشباب بالدول الأخرى فسنجد أن الشباب الأفغاني جيل منسيُّ قد تأخر كثيرا، ويعاني من عشرات المشاكل الاجتماعية.
يتخرج كل عام آلاف الشباب من الثانوية ولا يقدرون على اجتياز امتحان القدرات، حتى أن خريجي الجامعات يفقدون الثقة في أنفسهم، ويواجه جميع هؤلاء بطالة قاتلة تضطر الكثيرين منهم للعمل بأجرة في الأعمال الشاقة، والتي قد تتيسر لبعضهم ويُحرم منها الكثيرون.
كما لوحظ أن أعدادا من هؤلاء الشباب يلتحقون بالجماعات المعارِضة المسلحة أو يهاجرون فرارا من الفقر. وصل عدد العاطلين عن العمل في فترة حكومة الوحدة الوطنية إلى نحو مليون شاب، وقد ازدادت معدلات الفقر، حيث إن 54.5% من سكان أفغانستان يعيشون تحت خط الفقر، وقد صرح الرئيس غني أن 15% من الشعب الأفغاني يبيتون جائعين. ويظهر من هذا أن حكومة الوحدة الوطنية لا تملك أي آلية أو سياسة مؤثرة حيال توظيف الشباب الذي يكملون الدراسة الجامعية.
خاتمة
ينبغي إحداث تغييرات جذرية على أنظمة امتحان الكانكور على نحو تمهد دخول الشباب ذوي المهارات العالية إلى منظومة التعليم العالي، وتتيح كذلك ابتعاثهم إلى الدراسة في الخارج والعودة إلى الوطن محملين بالعلم والخبرة.
ولهذا الصدد، ينبغي إعداد نظام التعليم والتربية على نحو يُنمي مهارات الناشئة. وينبغي تغيير طريقة الامتحان الحالية التي تتم في كل ولاية على حدة حتى يُمنع تدخل ذوي النفوذ وأصحاب السلطة في مراحل الامتحان. امتحان العام الجاري تم مراقبته إلكترونيا وقد حُلت فيه العديد من المشاكل التي تسببت في الفساد، ومع ذلك هناك حاجة إلى إحداث بعض الإصلاحات التي أشرنا إليها في فقرة سابقة. كما على الحكومة تفعيل خطط لمنح خريجي الجامعات وظائف قصيرة والمدى وطويلة المدى داخل أفغانستان، مع فتح المجال أمام الشباب للعلم خارج البلد ومن ثم العودة بالتقنية المعمول بها في الخارج لأجل التقدم بالبلد نحو الأفضل.