الرابع والعشرون من شهر جوزاء هو اليوم الذي يُحتفل به تقديرا لجهود الأمهات. من وظائف المرأة الأمومة وهي مؤهلة للقيام بأعباء هذه المهمة خير قيام بالإضافة إلى مهامها الأخرى. الأمهات في هذا الزمن – مع وجود الإمكانيات والتسهيلات – يواجهن صعوبات عديدة تتفاوت حسب البلد الذي يعشن فيه، وأقل هذه التسهيلات توجد في الدول النامية. في تحليل هذا الأسبوع سنسلط الضوء على التحديات التي تواجهها الأمهات الأفغانيات مع مقارنة لأوضاعهن بالأمهات في الدول المتطورة الغربية وتحديدا الدول الأوروبية.
التحديات التي تواجهها الأمهات الأفغانيات:
- شح الخدمات الصحية: الأمهات الأفغانيات اللاتي يعشن في المناطق النائية محرومات من الخدمات الصحية. بسبب عدم وجود المستوصفات والأطباء فإن الأمر يصل بالأمهات إلى الوفاة أو إلى الإصابة بالأمراض المستعصية. سبب انعدام الخدمات الصحية في القرى هو التدهور الأمني، مما أدى إلى ارتفاع معدل وفيات الأمهات، في حين أن الأمهات الحوامل في أمريكا وأوروبا يتلقين مساعدات طبية في فترة الحمل منها باقة الأم ومبلغ من المال. في أستراليا وبعض الدول الأوروبية يبلغ متوسط قيمة ولادة الطفل نحو 5312 دولار. كما أن معدل وفيات الأطفال حين الولادة منخفض جدا هناك، حيث يموت طفل واحد بين كل 151000 مولود في فنلندا وأسبانيا.
- الخدمات التعليمية/ التعليم الجامعي : عدم إمكان الدراسة في المدارس والجامعات لكثير من سكان الولايات النائية في أفغانستان تسبب في انتشار الأمية، وهذا له تأثير مباشر على توفر فرص العمل وموارد الدخل للسكان ويُمثل هذا عائقا كبيرا أمام النساء في المحافظات. نظرا لتأثير العادات والتقاليد فإن معظم النساء في أفغانستان لا يدرسن في الجامعات لأنها أماكن مختلطة. توفر الدول الأوروبية للأمهات الراغبات في التعلم الجامعي فرصة الالتحاق المجاني بالكليات، وتتوفر هذه الخدمة للمشاركين في برنامج يُدعى Exchange Program. كما أن هناك شركات محددة تدعم الأمهات في دراستهن الجامعية، وتوظفهن في مقار عملها بعد تخرجهن.
- ضعف الدعم من الحكومة: التدهور الأمني في أفغانستان تسبب في سقوط كثير من الضحايا بين صفوف الرجال مُخلفين أرامل يتولون مهمة إعالة الأسرة. تصرح وزارة شؤون المرأة في أفغانستان بأن الحكومة ليس لديها أي آلية لدعم هؤلاء الأرامل. قُصارى ما تبذله الوزارة المذكورة لهؤلاء النسوة هو تقديمهن للمؤسسات العاملة في مجال تعليم الحرف. وإذا وُجدت برامج دعم للأرامل من قِبل الحكومة فيُلاحظ أنها تقتصر على المدن ولا تشمل القرى التي تُشكل نساؤها النسبة الأكبر من مجموع نساء البلد كما تنتشر الأمية بين الأمهات في القرى مما يجعلهن بحاجة ماسة إلى تعلم الحرف.في الدول الأوروبية يتم وضع سياسات على أعلى مستوى قانوني للمساواة بين جنس الرجل والمرأة، ويتم الاهتمام برفع كفاءة الأمهات في تخصصاتهن بالإضافة إلى قيامهن بأعباء الأمومة. في بعض الدول الأوروبية تُشكل النساء أكبر فئة عاملة ولذا تتمتع أمهاتٌ أكثر بخدمات رعاية الأطفال لأجل أن تقدر المرأة على مباشرة عملها رغم صغر سن طفلها. ويفيد هذا النظام في توفير تسهيلات للأمهات، كما يُساعد على تحريك عجلة اقتصاد تلك البلدان، وتُشجع حكومات تلك البلدان هذه الأنظمة، ويتم بالإضافة إلى ذلك تصويب قوانين للمحافظة على حقوق الأمهات والأطفال. وتتمتع الأمهات علاوة على دعم الحكومات بدعم المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية، ويتم رفع المقترحات لتوفير المزيد من الخدمات للأمهات إلى المجالس التشريعية. الأمهات الأرامل الفقيرات بالإضافة إلى سعيهن واستفادتهن من الأنظمة الداعمة يقمن بتربية أطفالهن. الأنظمة الداعمة تشمل: المحافظة على الأطفال، ودعم الأطفال، وضمان الحد الأدنى من الأجرة، وتوفير فرص عمل عادلة وبجودة عالية، والدفاع عن سياسات السكن والدعم المجتمعي.
- 4. مشكلة العمل: تُضطر الأمهات بسبب انتشار الأمية إلى الانخراط في الأعمال الشاقة والتي تفوق طاقاتهن لأجل الحصول على لقمة العيش، كما تمتهن بعضهن مهنة التسول، وهذه الأعمال لها دخل مؤقت ولا يكفي لمتطلبات عيشهن. في حين أن الدول الأخرى وخصوصا الدول الأوروبية تعين مقادير من المال للأمهات في حال احتياجهن، كما توفر لهن الحكومات فرص عمل مما يُسهل للأمهات القيام بأعباء العمل والمنزل معاً. وتتسنى للأمهات اللاتي يقعن بين ضغط العمل وضغط الأسرة فرصٌ جيدة كفيلة بإعادة التوازن لحياتهن. على سبيل المثال تُمنح المرأة في دولة النرويج عند الولادة إجازة براتب كامل لمدة 35 أسبوعا، أو إجازة براتبٍ قدره 80% من الراتب الكامل لمدة 45 أسبوعا.
- المشاكل الاجتماعية: التعامل السيء مع الأرامل اللاتي فقدن أزواجهن مشكلة أخرى تواجهها هذه الفئة. العنف الأسري يُمثل أحد الضغوط الكبيرة التي تُقاسيها الأمهات في المجتمع الأفغاني وتؤدي في كثير من الأحيان إلى الطلاق أو الفرار من المنزل أو حتى الانتحار. تتم معاملة الطلاق في أفغانستان كفضيحة اجتماعية، والمرأة المطلقة لا تتزوج بعد طلاقها في الغالب.
أما في الغرب فإن مفارقة المرأة لزوجها وتكفلها بمسؤولية رعاية أبنائها يُعد أمرا عاديا، وفي حين مواجهة المرأة للعنف من قِبل أحد أفراد الأسرة فبإمكانها مراجعة الدوائر القضائية لطلب حقوقها، كما أن المجتمع يُدافع عن حقوقها.
مقترحات
لأجل تحسين معيشة النساء وخصوصا الأمهات فإن من الضروري أن ترعى الحكومة الأفغانية والشعب الأفغاني ما يلي:
۱. إيجاد آلية دعم قانونية للنساء والأمهات.
۲. تخصيص دعم حكومي للأمهات اللاتي فقدن العائل.
۳. على الحكومة عقد دوارت محو الأمية وتعليم الحرف المختلفة للنساء والأمهات.
۴. توفير فرص العمل للأمهات اللاتي يتضلعن بمسؤولية الأسرة.
۵. الحفاظ على الأمن من قِبل الحكومة ليسهل وصول جميع التسهيلات للمناطق النائية بما في ذلك الخدمات الصحية والتعليمية.
۶. استقطاب المستثمرين في القطاع الخاص إلى مجال دعم النساء والأمهات لأجل تحسين الحالة الاقتصادية لدى النساء.
۷. تسهيل عملية مراجعة المرأة للدوائر العدلية والقضائية.
۸. مكافحة الأعراف والتقاليد البالية والذميمة.
۹. إزالة حصانة المجرمين من العقوبة.
۱۰. على الحكومة إنشاء وتجهيز جامعات حكومية وأهلية مخصصة للنساء في المجالات التي يشتد عليها الطلب مثل: علم النفس، والطب، والتربية والتعليم، والعلوم الطبيعية والعلوم الاجتماعية. من الضروري أن تُنشئ الحكومة هذه الجامعات على الأقل في المدن حتى يتم حل جزء من المشاكل التي تواجهها المرأة الأفغانية.