معدل الجرائم في فترة حكومة الوحدة الوطنية

صرح القائم بأعمال وزارة الداخلية بأفغانستان الأسبوع الماضي في مؤتمر صحفي أنه في خلال السنين الخمس الماضية تم رصد 51 جريمة يوميا على مستوى البلد، بما فيها السرقة والقتل والاعتداء المسلح. صرح في المؤتمر أيضا رئيس مكافحة الجرائم بوزارة الداخلية أنه تم مصادرة أكثر من 6200 سلاح وأكثر من 60 طنا من المخدرات، وآلاف الليترات من الكحوليات، كما تم إيقاف نحو 77200 جريمة وتم اعتقال حوالي 115 ألف شخص متورطين في جرائم عديدة. رغم أنه تم تسجيل 92 ألف قضية جنائية، لماذا تزداد هذه الجرائم يوما بعد يوم؟ وما هي العوامل الرئيسة لازدياد هذه الظاهرة؟ أسئلة نسعى للإجابة عليها في تحليل الأسبوع الصادر من مركز الدراسات الإستراتيجية والإقليمية.

معدل الجرائم المسجلة خلال فترة حكومة الوحدة الوطنية

كان لمعدل الجريمة سير تصاعدي على مستوى البلد في السنوات الخمس الماضية. في الربع الثالث من عام 2014 م تم تسجيل عدد 15050 قضية جنائية، وفي عام 2015 م وصل العدد إلى 20886 قضية، وفي عام 2016 م نزل المعدل إلى 20886 قضية، وفي عام 2017 م نقص العدد بدرجة أقل بكثير مقارنة بالعام الذي سبقه، حيث سُجل في عام 2017 م نحو إجمالي 20181 قضية جنائية.

وفق مؤشرات الإحصائية المنشورة من إدارة الإحصاء المركزية بأفغانستان، تم تسجيل عدد 10851 قضية جنائية في عام 2018 م  إلا أن هذا العدد لا يشمل النصف الثاني من العام الذي لم يُنشر عدد الجرائم الواقعة فيه. (انظر الجدول أ )

عندما نمعن النظر في الربعين الأولين من عام 2018 م نجد أن عدد الجرائم المرتكبة فيهما يبلغ 10851 قضية مما يزيد على عدد الجرائم المرتكبة في الربعين الأولين من عام 2018 م والذي بلغ 9980 قضية مسجلة من قِبل حكومة الوحدة الوطنية. جميع الأرقام المذكورة عُرضت حسب عدد القضايا المسجلة، ولا تشمل الجرائم غير المسجلة.

 

الجدول- أ : عدد الجرائم المرتكبة في السنوات الماضية

الربع الثاني-2018 2017 2016 2015 الرُبع الثالث – 2014 نوع الجريمة الرقم
1185 2515 2289 3367 1628 القتل 1
131 312 342 270 185 السرقة 2
79 185 229 380 149 الاختطاف 3
2649 3593 4869 4071 2610 نهب 4
4 10 18 44 3 اختلاس 5
6 11 14 389 22 فرار من السجن 6
631 1270 1195 1492 626 تهريب 7
6 19 44 59 0 رشوة 8
64 184 121 173 146 سرقة جيب 9
1498 3348 3508 6336 2311 جرح 10
223 405 376 792 317 زنا 11
72 272 294 310 95 تزوير 12
4303 8048 7587 10343 6749 جرائم أخرى 13
10851 20181 20886 28026 15050 الإجمالي 14

 

 

المصدر: التقرير الإحصائي السنوي بأفغانستان للأعوام (2014 – 2017) والمؤشرات الربعية لعام 2018

الجرائم غير المسجلة في فترة حكومة الوحدة الوطنية

بالنظر إلى ضعف سيطرة الحكومة في المناطق النائية، والفساد المستشري في جهاز القضاء، وإفلات المجرمين من قبضة القانون وعلاقاتهم بالمسؤولين في الحكومة فإن العدد الحقيقي للجرائم في البلد يفوق الإحصائيات المذكورة.

وقد تسبب ذلك في زعزعة الثقة بالشرطة وإفلات المجرمين من الاعتقال، كما أن أيدي بعض الساسة وعصابات المافيا متورطة في الجرائم في أفغانستان. في عام 2016 نشر مكتب التحقيقات الأمريكي لإعادة تأهيل أفغانستان تقريرا يفيد أن الحكومة الأفغانية مسيطرة على 57% من مساحة البلد، وبناء على هذا فإن عدد الجرائم الحقيقية أكبر من الإحصائيات المنشورة وذلك لأن الجرائم في المواقع الخارجة عن سيطرة الحكومة لا تُسجل لدى أجهزتها الأمنية.

عوامل ارتفاع معدل الجريمة خلال فترة حكومة الوحدة الوطنية

لا توجد عوامل محددة للجرائم بشكل عام، وإنما لكل نوع من أنواع الجريمة عواملها الخاصة. ومع ذلك فهناك أسباب اقتصادية واجتماعية وقضائية وسياسية عامة تساعد على ازدياد معدل الجريمة، نذكر منها ما يلي:

  1. الفساد

الفساد من أهم أسباب ارتفاع معدل الجريمة. وفق التقرير السنوي لمؤسسة الشفافية العالمية الصادر في 2018، تبقى أفغانستان في الترتيب التاسع ضمن الدول الأكثر فسادا في العالم، ووفق التقرير فإن أكثر جهازين متورطين في الفساد هما القضاء والشرطة.

يرى واحد فقط من كل أربعة مواطنين أن هناك تحسنا في القطاع الحكومي من ناحية تقليل الفساد. وفق المسح الاستقصائي فإن نسبة 25% من المواطنين قد واجهوا حالات فساد واحتيال في مدة اثني عشر شهراً الماضية. بالإضافة إلى المؤسسات القضائية والعدلية فإن الفساد مستشرٍ كذلك في جهاز الشرطة حيث يُتيح الفرصة للمجرمين بالإفلات عن الاعتقال لقاء دفع الرشوة، ومن جانب آخر فإن ضعف احتراف القوى الأمنية تسبب في عجزها عن إيقاف الفساد المذكور بل ومشاركتهم في الفساد.

  1. المليشيات المسلحة

يرى بعض المسؤولين الأمنيين أن السبب الرئيس في انتشار الجرائم هو تهريب الأسلحة غير القانونية من الدول المجاورة واستخدامها في الجرائم. كما أن المليشيات المسلحة المحلية والجماعات المسلحة غير القانونية والتي تملك علاقات مع ذوي النفوذ في الحكومة لها دور بارز في ارتكاب الجرائم في البلد. وقد نشرت وزارة الداخلية الأفغانية قبل فترة قائمة بأسماء القيادات التي أنشأت المليشيات المسلحة، ولكن دون اتخاذ أي خطوات ضدهم.

  1. الغزو الثقافي

إذا عقدنا مقارنة بين أرقام معدل الجريمة في السنوات الماضية سنجد أن جرائم النهب والقتل والزنا تزداد يوما بعد يوم. الأسباب الدافعة لارتكاب مثل هذه الجرائم هي سنوات طويلة من نشر المحتوى الإعلامي المُخل، والغزو الثقافي المُمول من الخارج، والمسلسلات الوهمية والأفلام المخلة، وقد أدى جميع ذلك إلى اختلال الأخلاق في المجتمع.إن المادة الإعلامية المذكورة تؤثر على القيم الدينية في مجتمعنا وتزيد من الفساد بشتى صوره، في حين أن الإعلام سلاح ذو حدين، وبالإمكان استخدامه لأجل تقليل الجرائم عبر نشر الوعي السليم بين أفراد المجتمع.

  1. الفقر والبطالة

تُعد البطالة والفقر من الأسباب الرئيسة لارتكاب بعض الجرائم وخصوصا النهب، وقد نشر العديد من الباحثين أبحاثا تظهر العلاقة بين الجريمة والبطالة. عندما تقل فرص العمل تقل الطرق القانونية للحصول على المال، وتزداد تبعا لذلك محاولات جني المال عبر الطرق غير المشروعة.

في حين أن نسبة 49.66%من السكان مؤهلون للعمل، وُجد أن نسبة 30.7% من السكان عاطلون عن العمل. وفق استقصاء إدارة الإحصاء المركزية الذي تم في عام 2018هـ ش فإن نسبة 54.5 من المواطنين الأفغان يعيشون تحت خط الفقر. لذا نجد في الكثير من المناطق تورط الأفراد في جرائم النهب والسرقة وما إلى ذلك. يُضاف أيضا أن العنف الأسري يتأثر كذلك بالمشكلات الاقتصادية في معظم الحالات.

توصيات

لأجل تقليل معدل الجريمة في البلد، تُعد الخطوات التالية ضرورية:

  • استغلال المنصات الإعلامية والمنابر لنشر الوعي بقبح وفظاعة الجرائم، حيث أن القيم الدينية الحية من أقوى السبل المتاحة لضبط معدل الجريمة
  • إعداد واعتماد سياسات مؤثرة في المؤسسات القضائية والعدلية.
  • تقوية المؤسسات المُكافحة للفساد واعتماد أنظمة مكافأة الموظفين على إنجازاتهم.
  • السعي لتقليل معدل البطالة وتفعيل المشاريع العامة لإنعاش النمو الاقتصادي في البلد.
  • تنفيذ العقوبات القانونية على مرتكبي الجرائم دون أي محاباة أو تمييز.
  • ينبغي جمع بيانات الجرائم المُرتكبة في مدة 18 سنة الماضية، ووفق البيانات يتم تحديد عوامل الجرائم ومن ثم تُتخذ خطوات حازمة للقضاء على عوامل ارتكاب الجرائم.
معدل الجرائم في فترة حكومة الوحدة الوطنية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تمرير للأعلى