مقدمة
في الأسبوع الماضي ضربت موجة من الفيضانات المدمرة الموسمية محافظات سربل، وبادغيس، وفارياب، وجوزجان وسمنكان في شمال أفغانستان. حسب تصريحات المسؤولين راح أكثر من 200 شخص بينهم نساء وأطفال ضحية لهذه الكارثة الطبيعية ويصل عدد المفقودين حتى الآن إلى العشرات.
في حادثة أخرى وإثر انزلاق للتربة يوم الجمعة 2مايو/أيار2014م، في مديرية أركو، في محافظة باداخشان لقي أكثر من 3000 شخص مصارعهم، ولا زال عدد كبير من ضحايا الحادثة تحت الأنقاض والتربة.
وأما الفيضانات التي ضربت المناطق الشمالية من البلاد، يقال إنها كانت غير مسبوقة في 30 سنة الماضية في البلاد، وقد دمّرت إلى جانب خسارة الأرواح خمسة آلاف من بيوت السكان، وخرّبت آلاف هكتارات من الأراضي الزراعية وقتلت آلافا من رؤوس المواشي.
قال محمد كريم خليلي النائب الثاني للرئيس الأفغاني ومسؤول “لجنة مكافحة الحوادث الطبيعية” إثر زيارته لمحافظات فارياب، وسربل وجوزجان برفقة عدد من الوزراء: إن الحكومة والمؤسسات المعنية جاهزة لتقديم المساعدات الضرورية للمتضررين. وقد وعد السيد خليلي في هذه الزيارة بمساعدة اضطرارية وإعطاء قطعة أرض من أجل بناء المنزل للأسَر المتضررة.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا تكون في أفغانستان خسارة الحوادث الطبيعية أضعاف بلدان أخرى؟ لماذا يرتفع مستواها كل سنة؟ ولماذا لا تتخذ الحكومة إجراءات وقائية؟ ناقش قسم التحليل في مركز الدراسات الإستراتيجية والإقليمية هذا الموضوع وإليكم التفاصيل:
عدم اهتمام الحكومة لتقليص الأضرار
مع أن مناطق مختلفة في أفغانستان تشهد دوما فيضانات موسمية وأحداثا طبيعية مؤلمة، ومع أن الفيضانات تسبب كل سنة خسارات كبيرة في الأرواح والأموال، إلا أن الحكومة الأفغانية لم تتخذ أي إجراء وقائي لتقليص أضرار هذه الحوادث الطبيعية وتباعاتها. مع أن عملية إرسال المساعدات تكون بطيئة بعد وقوع الحوادث إلا أن السؤال الأساسي هو: لماذا لا تتخذ الحكومة إجراءات وقائية قبل وقوع هذه الحوادث المؤلمة، لتقليص التهديد والأضرار؟
كما نعرف إن الفيضانات هي من الحوادث الطبيعية التي تحدث كل سنة في مناطق مختلفة في العالم وتسبب خسارات كبيرة في الأرواح والأموال. ومن المعلوم أن سد هذه الحوادث مستحيل ولكن هناك طرق تعامل مع هذه الحوادث الاضطرارية وهناك إجراءات وقائية يمكن بها تقليص الخطر والأضرار المتوقعة.
بناءً على دراسات تمت في مجال تقليص أضرار الحوادث الطبيعية، هناك أربع مراحل للحوادث: أولا: عندما لا تكون الحادثة قد وقعت، ثانيا: قبل وقوع الحادثة، ثالثا: حين وقوع الحادثة، ورابعا بعد حدوثها.
أهم مرحلة هي التي لا تكون الحادثة الطبيعية قد وقعت، ويمكن فيها تدريب الخبرات على مكافحة أضرار الحوادث من الميزانية المخصصة للمؤسسات المعنية، كذلك يمكن أخذ إجراءات لازمة، ورفع مستوى فهم الجميع بالحوادث وكما يمكن تقليص خطر الحوادث بإجراءات وقائية.
إن هناك ضرورة ملحة لأخذ الإجراءات قبل وقوع الحادثة. وعلى سبيل المثال تتحتم الجاهزية قبل بدء الشتاء لمواجهة الحوادث الطبيعية، ومن الجانب الفني ينبغي العمل على مسار يمكن بها تقليل خسارات الحوادث وأضرارها وهي ما لم تلق اهتماما بعد.
مؤسسات مكافحة الحوادث الطبيعية غيرمؤثرة
إن المسؤولين في مؤسسات مكافحة الحوادث الطبيعية يستدعيهم البرلمان الأفغاني سنويا، ويواجهون انتقادات كثيرة بأنهم لا يحسون بالمسؤولية وبأنهم لايمكلون إستراتيجية عملية مؤثرة لتقليل أضرار الحوادث الطبيعية وتوصيل المساعدات.
واللافت للنظر أنه بعد وقوع أية حادثة ينتظر الكل “إدارة مكافحة الحوادث الطبيعية”، في حال تصرف ميزانية كبيرة في هذه المؤسسة وبها لجنة إضطرارية تحتوي على 21 مؤسسة حكومية وغيرحكومية ويكون رئيسها النائب الثاني للرئيس، إلا أنها أيضا غير مؤثرة.
الفيضانات، والزلازل، والانهيارات الثلجية، والانزلاق الأرضي، والجفاف، والأمراض المعدية، وغيرها حوادث طبيعية يواجه المواطنون الأفغان صعوبات ومشاكل عدة حين وقوعها، وبعد الحادثة تستمر عملية توصيل المساعدات بطريقة بطيئة وناقصة ولا تتخذ الحكومة أي إجراء وقائي كدول أخرى لتقليص الأضرار.
وهناك مشاكل أساسية في بناء المؤسسات المعنية بمكافحة الحوادث الطبيعية ومع مرور سنوات كثيرة عليها لم يلق هذا الجانب اهتماما لازما، فعلى الحكومة أن تحدث تغييرات في هذا المجال.
من جانب آخر، فإن مثل هذه الحوادث الطبيعية وبهذه الأضرار الواسعة تؤثر كثيرا على أوضاع البلد، ولأن أفغانستان تعيش وضعا سياسيا واقتصاديا خاصا، تكون أضرار هذه الحوادث ضربة كبيرة على اقتصاد المواطن، وعلى سبيل المثال فإنها قد تضع تأثيرا كبيرا على الجولة الثانية من الانتخابات وعلى مسار انتقال السلطة السياسية في البلد. النهاية