قام رجب طيب أردوغان الرئيس التركي بزيارة رسمية لمدة يوم إلى العاصمة الأفغانية كابول. إنه أول رئيس تركي، خلال خمسة عقود الماضية، الذي يزور أفغانستان، وقد توقفت زيارة على هذا المستوى إلى أفغانستان من الجانب التركي منذ عام 1958م. بناءً على هذا وعلى جدول أعمال الرئيس التركي في زيارته لأفغانستان أُعتبرت هذه الزيارة ذات أهمية كبيرة. ومن جانب آخر كان أردوغان أول مسؤول رفيع المستوى الخارجي الذي زار أفغانستان بعد تشكيل الحكومة الأفغانية الجديدة.
ربما يكمن سبب برودة العلاقات الأفغانية التركية هو أن تركيا في مرحلة الحرب الباردة دخلت “سياتو[1]” أو حلف جنوب وشرق آسيا، مع باكستان والغرب فيما بقيت أفغانستان علي الحياد. ولكن في مرحلة الجهاد الأفغاني ضد الروس أيّد الأتراكُ الأفغانَ، ولم يتدخلوا في الحروب الأهلية الأفغانية، وفي السنوات الأخيرة عمل الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي على تنشيط العلاقات الأفغانية التركية.
أهمية زيارة أردوغان إلى كابول
وفي هذه الزيارة وقّع السيد أردوغان اتفاقية استراتيجية مع أشرف غني أحمدزاي، ومن المقرر أن يتم تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين على أساس هذه الاتفاقية.
وقد عقدت تركيا منذ 2007م، سبع جلسات ثلاثية بين زعماء دول أفغانستان، وباكستان تركيا، وذلك لتقليص التنازعات الموجودة بين أفغانستان وباكستان، ولتحسين العلاقات الإقليمية بين الدول الجارة لأفغانستان. ويُعتبر المؤتمر المقرر انعقاده في 28 من أكتوبر/تشرين الأول للعام الجاري في الصين من ثمار محاولات الجانب التركي لحل الأزمة بين أفغانستان وباكستان.
من جانب آخر، تركيا بلد حليف لباكستان وهي من الدول ذات التأثير في المنطقة على باكستان، ولذلك يُعقد الأمل على تركيا بأن تعمل على تقليص الأزمات بين أفغانستان وباكستان، وأن تلعب دورا حيويا في إحلال السلام والاستقرار في أفغانستان. وقد قال الرئيس التركي خلال زيارته لكابول إنه سيعمل على خفض التنازعات بين أفغانستان وباكستان.
يرى بعض المحللين أن زيارة سرتاج عزيز مستشار الأمن الوطني لباكستان، وتصريحه بشأن تحسين العلاقات الباكستانية الأفغانية، بعد زيارة أردوغان إلى كابول، هي في الأساس محاولة دبلوماسية تركية لإحلال الأمن والاستقرار في المنطقة ولتحسين العلاقات الباكستانية الأفغانية.
يمكننا القول عموما، إن زيارة أردوغان إلى كابول لها أهمية من عدة جوانب. تركيا وأفغانستان لهما علاقات سياسية اقتصادية ثقافية ممتدة عبر التاريخ وهذه المشتركات التاريخية سببت تقاربا بين الطرفين. ولنفس هذه العوامل التاريخية والثقافية يبقى الدور التركي في إحلال السلام والأمن في أفغانستان قويا ومؤثرا جدا.
السلام والاقتصاد
إن تركيا أول دولة إسلامية من أعضاء حلف شمال الأطلسي أو “الناتو”. رغم تواجد قوات هذه الدولة إلى جانب قوات أخرى في أفغانستان، إلا أن تركيا لها مع أفغانستان تعامل متمايز من بقية أعضاء الناتو، ولم تشارك قواتها في العمليات العسكرية، ولنفس السبب لم تتكبد القوات التركية أي خسارة حربية في أفغانستان.
وكان تعاملُ حركة طالبان مع القوات التركية متمايزا أيضا، وقد أطلقت الحركة لمرات عديدة سراح الأتراك “لحسن النية”. إن تركيا إن كانت لها علاقة اقتصادية تجارية ثقافية قوية مع أفغانستان، فإن لها تفاهما إلى حد ما مع حركة طالبان أيضا، وتعتبر هذه الحركة خارج نطاق تنظيم القاعدة، ولهذا السبب كان حامد كرزاي يرى أن تركيا هو المكان الأنسب لفتح مكتب سياسي لحركة طالبان، إلا أنه ولأسباب أخرى فُتح المكتب في قطر. ولكن بشكل عام يمكن لثلاث دول (السعودية، باكستان، وتركيا) أن تلعب دور الوساطة بين الحكومة الأفغانية والمعارضة المسلحة.
وتقر الحكومة الأفغانية ومعها الشعب احتراما للدولتين (تركيا والصين). رغم أن الصين في مرحلة الحرب الباردة كانت تساعد الحركة الماوية في أفغانستان، وكان الجنرالات الأتراك يؤيدون الجنرال دوستم في الحرب الأهلية الأفغانية، إلا أن هذه المساعدات كانت بمستوى منخفض وقد أدركت الدولتان هذه الحساسية تماما. لذلك ينتظر الأفغان مواقف إيجابية من هاتين الدولتين، ودورهما في إنماء الاقتصاد الأفغاني والاستثمار والعلاقات التجارية.
من جانب آخر، ومع أن الحكومة الأفغانية الجديدة ترغب في رقي اقتصادي للبلد، إلا أنها وفي علاقاتها مع تركيا ستركز على محاولات تركية لإحلال السلام والأمن، لأن تركيا بلد إسلامي، ترغب في استقرار أفغانستان، ولها علاقات تاريخية مع أفغانستان كما لها علاقات استراتيجية جيدة مع باكستان منذ بضعة عقود. وقد أراد الأتراك في السنوات الأخيرة أن يستغلوا هذه العلاقات في الوساطة بين كابول وإسلام آباد. النهاية
[1] -“SEATO”
3 عقرب 1393
قام رجب طيب أردوغان الرئيس التركي بزيارة رسمية لمدة يوم إلى العاصمة الأفغانية كابول. إنه أول رئيس تركي، خلال خمسة عقود الماضية، الذي يزور أفغانستان، وقد توقفت زيارة على هذا المستوى إلى أفغانستان من الجانب التركي منذ عام 1958م. بناءً على هذا وعلى جدول أعمال الرئيس التركي في زيارته لأفغانستان أُعتبرت هذه الزيارة ذات أهمية كبيرة. ومن جانب آخر كان أردوغان أول مسؤول رفيع المستوى الخارجي الذي زار أفغانستان بعد تشكيل الحكومة الأفغانية الجديدة.
ربما يكمن سبب برودة العلاقات الأفغانية التركية هو أن تركيا في مرحلة الحرب الباردة دخلت “سياتو[1]” أو حلف جنوب وشرق آسيا، مع باكستان والغرب فيما بقيت أفغانستان علي الحياد. ولكن في مرحلة الجهاد الأفغاني ضد الروس أيّد الأتراكُ الأفغانَ، ولم يتدخلوا في الحروب الأهلية الأفغانية، وفي السنوات الأخيرة عمل الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي على تنشيط العلاقات الأفغانية التركية.
أهمية زيارة أردوغان إلى كابول
وفي هذه الزيارة وقّع السيد أردوغان اتفاقية استراتيجية مع أشرف غني أحمدزاي، ومن المقرر أن يتم تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين على أساس هذه الاتفاقية.
وقد عقدت تركيا منذ 2007م، سبع جلسات ثلاثية بين زعماء دول أفغانستان، وباكستان تركيا، وذلك لتقليص التنازعات الموجودة بين أفغانستان وباكستان، ولتحسين العلاقات الإقليمية بين الدول الجارة لأفغانستان. ويُعتبر المؤتمر المقرر انعقاده في 28 من أكتوبر/تشرين الأول للعام الجاري في الصين من ثمار محاولات الجانب التركي لحل الأزمة بين أفغانستان وباكستان.
من جانب آخر، تركيا بلد حليف لباكستان وهي من الدول ذات التأثير في المنطقة على باكستان، ولذلك يُعقد الأمل على تركيا بأن تعمل على تقليص الأزمات بين أفغانستان وباكستان، وأن تلعب دورا حيويا في إحلال السلام والاستقرار في أفغانستان. وقد قال الرئيس التركي خلال زيارته لكابول إنه سيعمل على خفض التنازعات بين أفغانستان وباكستان.
يرى بعض المحللين أن زيارة سرتاج عزيز مستشار الأمن الوطني لباكستان، وتصريحه بشأن تحسين العلاقات الباكستانية الأفغانية، بعد زيارة أردوغان إلى كابول، هي في الأساس محاولة دبلوماسية تركية لإحلال الأمن والاستقرار في المنطقة ولتحسين العلاقات الباكستانية الأفغانية.
يمكننا القول عموما، إن زيارة أردوغان إلى كابول لها أهمية من عدة جوانب. تركيا وأفغانستان لهما علاقات سياسية اقتصادية ثقافية ممتدة عبر التاريخ وهذه المشتركات التاريخية سببت تقاربا بين الطرفين. ولنفس هذه العوامل التاريخية والثقافية يبقى الدور التركي في إحلال السلام والأمن في أفغانستان قويا ومؤثرا جدا.
السلام والاقتصاد
إن تركيا أول دولة إسلامية من أعضاء حلف شمال الأطلسي أو “الناتو”. رغم تواجد قوات هذه الدولة إلى جانب قوات أخرى في أفغانستان، إلا أن تركيا لها مع أفغانستان تعامل متمايز من بقية أعضاء الناتو، ولم تشارك قواتها في العمليات العسكرية، ولنفس السبب لم تتكبد القوات التركية أي خسارة حربية في أفغانستان.
وكان تعاملُ حركة طالبان مع القوات التركية متمايزا أيضا، وقد أطلقت الحركة لمرات عديدة سراح الأتراك “لحسن النية”. إن تركيا إن كانت لها علاقة اقتصادية تجارية ثقافية قوية مع أفغانستان، فإن لها تفاهما إلى حد ما مع حركة طالبان أيضا، وتعتبر هذه الحركة خارج نطاق تنظيم القاعدة، ولهذا السبب كان حامد كرزاي يرى أن تركيا هو المكان الأنسب لفتح مكتب سياسي لحركة طالبان، إلا أنه ولأسباب أخرى فُتح المكتب في قطر. ولكن بشكل عام يمكن لثلاث دول (السعودية، باكستان، وتركيا) أن تلعب دور الوساطة بين الحكومة الأفغانية والمعارضة المسلحة.
وتقر الحكومة الأفغانية ومعها الشعب احتراما للدولتين (تركيا والصين). رغم أن الصين في مرحلة الحرب الباردة كانت تساعد الحركة الماوية في أفغانستان، وكان الجنرالات الأتراك يؤيدون الجنرال دوستم في الحرب الأهلية الأفغانية، إلا أن هذه المساعدات كانت بمستوى منخفض وقد أدركت الدولتان هذه الحساسية تماما. لذلك ينتظر الأفغان مواقف إيجابية من هاتين الدولتين، ودورهما في إنماء الاقتصاد الأفغاني والاستثمار والعلاقات التجارية.
من جانب آخر، ومع أن الحكومة الأفغانية الجديدة ترغب في رقي اقتصادي للبلد، إلا أنها وفي علاقاتها مع تركيا ستركز على محاولات تركية لإحلال السلام والأمن، لأن تركيا بلد إسلامي، ترغب في استقرار أفغانستان، ولها علاقات تاريخية مع أفغانستان كما لها علاقات استراتيجية جيدة مع باكستان منذ بضعة عقود. وقد أراد الأتراك في السنوات الأخيرة أن يستغلوا هذه العلاقات في الوساطة بين كابول وإسلام آباد. النهاية
[1] -“SEATO”